الاقتصاد

ضريبة القيمة المضافة في دول الخليج لا تكفي لسد فجوة عائدات النفط

ضريبة القيمة المضافة في دول الخليج لا تكفي لسد فجوة عائدات النفط

أكد خبراء أن عائدات تطبيق الضريبة على القيمة المضافة، التي قررت دول مجلس التعاون الخليجي تطبيقها مطلع عام 2018، لا تكفي وحدها لتغطية ما فقدته دول المنطقة من عائدات النفط، الذي تراجعت أسعاره أكثر من 70 في المئة خلال سنة ونصف سنة. واعتبروا أن ذلك ضغطَ على موازنات المنطقة التي بدأت تسجل عجزاً في موازناتها، بعدما فقدت أكثر من 330 بليون دولار من عائداتها النفطية العام الماضي.

وأشاروا في ندوة نظمتها مؤسسة «تومسون رويترز» في دبي أمس، بعنوان «تغير المشهد الضريبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، الى أن أهمية الندوة تكمن «في مرحلة تحول تمر فيها دول مجلس التعاون الخليجي، مع توجّهها إلى تنويع مصادر اقتصاداتها ووارداتها المالية، من خلال إنشاء نظام ضريبي يتعلق بضرائب على القيمة المضافة، وأخرى على أرباح الشركات إضافة الى الانتقائية.

ولفت نائب رئيس قسم السياسات الضريبية في صندوق النقد الدولي ماريو منصور، خلال الندوة التي شارك فيها مستشارون وخبراء في المجال الضريبي والمالي والقانوني من منطقة الخليج والعالم العربي، إلى أن «نسبة انخفاض أسعار النفط تشكّل 12 في المئة من الناتج المحلي للمنطقة، والتي تصل إلى 330 بليون دولار».

وأوضح الخبراء الذين شاركوا في الندوة، أن عائدات ضريبة القيمة المضافة التي لا تتعدى خمسة في المئة من المبيعات، تدرّ على الدولة ما نسبته 2 في المئة فقط من الناتج المحلي لدول المنطقة المقدّر بنحو 1.5 تريليون دولار، أي أن تطبيق القيمة المضافة يدر على المنطقة عائدات لا تتجاوز 32 بليون دولار سنوياً.

وأعلن المدير الإداري لشركة «ناصر السعيدي وشركاه»، ناصر السعيدي، أن «العائدات متواضعة نسبياً»، خصوصاً أن الخسائر التي تكبدتها دول المنطقة من تدني أسعار النفط تصل إلى 12 في المئة من ناتجها المحلي، ولا تكفي لسد فجوة ما فقدته من تراجع الأسعار».

ولاحظ أن «جاهزية دول المنطقة لتطبيق هذه الضريبة متفاوتة، ففي حين يُعتبر كلّ من السعودية والإمارات متقدماً في مجال البنية التحتية الضريبية، وبدأتا تستعدان لها في مرحلة ما قبل أزمة المال العالمية، فإن دول الخليج الأخرى غير جاهزة حتى الآن لتطبيق هذه الضريبة، ما قد يضطر الدولتين الخليجيتين لتطبيقها من دون دول الخليج الأخرى، لأن عدم تطبيقها في الفترة المحددة، أي مطلع عام 2018، قد ينعكس سلباً عليها وتفقد ثقة الأسواق العالمية، لناحية جديتها في تنويع مصادر دخلها، وفي إجراء إصلاحات اقتصادية تلائم مرحلة أسعار النفط الرخيصة».

وقال السعيدي إن تطبيق «ضريبة انتقائية» على المحروقات مثلاً، سيدر عائدات على دول المنطقة أكثر كثيراً من تطبيق الضريبة على القيمة المضافة، إذ ستدر في المملكة العربية السعودية مثلاً، 50 بليون دولار سنوياً».

ولم يستبعد الخبراء تطبيق ضريبة على أرباح الشركات في منطقة الخليج خلال السنوات الخمس المقبلة، لكن السعيدي شدد على أن «المهم أن تصاغ هذه الضرائب في شكل لا يعرقل نشاط القطاع الخاص، ويمنعه من تنويع النشاط الاقتصادي». وتابع أن «تطبيق أي نوع من الضرائب في المنطقة، يجب عرضه على القطاع الخاص قبل تطبيقه لضمان عدم تأثيرها في شكل كبير على هذا القطاع الحيوي، الضامن للتنمية المستدامة في المنطقة».

ومن بين الضرائب التي تستعد لها دول الخليج، تأييدها للدعوة إلى استحداث ضريبة لزيادة الرسوم الجمركيّة (100 في المئة) على منتجات التبغ. واعتبر السعيدي أن في حال تطبيقها «يجب تفادي زيادة ضريبيّة كبيرة تُفضي إلى تعزيز التجارة غير المشروعة، وبالتالي تؤدي إلى إنعاش تمويل مجموعات الجريمة المنظمة والمنظمات الإرهابيّة».

أمّا توظيف عائدات تجارة التبغ غير المشروعة التي يتم تبييضها وسائر المنتجات ذات القيمة العالية مثل النفط من أجل تمويل الإرهاب، فهو شأن مثير للقلق نظراً إلى بروز منظمات إرهابيّة مثل «داعش» و«النصرة» و»القاعدة» وانتشارها عبر المنطقة من المغرب إلى المشرق.

ومع تداعي الأمن على حدود منطقة الشرق الأوسط وتنامي عدد المنظمات الإرهابيّة، باتت المنطقة خير أرض لتجارة التبغ غير المشروعة التي تُشكِّل مصدراً لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب. أمّا جباية ضرائب التبغ، فتؤدي إلى مشاكل على المستوى الأمني وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتفترض وجود سلطات متخصصة إلى جانب وزارات المال والهيئات الجمركيّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً