اراء و أفكـار

الخليج الاماراتية : مَنْ يستطيع؟

لا يحتاج المرء إلى كبير عناء، كي يكتشف كم أن منطقتنا العربية عارية بلا غطاء، ومكشوفة للعالم، وكأنها تنادي كل من هب ودب كي يأتي وينال نصيبه منها.

لا نتجرأ على الحقيقة، عندما نقول إن وضعنا مأساوي، يستدعي أعجوبة ما، كي تخرجه من حال التمزق والشتات، وتنقذه من آفات تكاد تقضي عليه، وهي آفات قاتلة قد تخرج الأمة العربية من التاريخ والجغرافيا إذا هي استفحلت.

ننظر إلى المشهد العربي من مختلف الزوايا، فلا نكاد نرى إلّا الدم والخراب والذبح والقتل والإرهاب والتكفير والأصوات المنفرة، التي تستدعي أسوأ ما في التاريخ العربي من أحداث، وتريد أن تطبقه على واقعنا.

الوطن العربي منكوب منذ خمس سنوات، وينزف دماً بل يسبح في بحور الدم، ويعم الخراب أرجاءه، وشعوبه تائهة بين الخراب والمخيمات والشتات، بحثاً عن ملاذ آمن، هرباً من نظام جائر أو إرهاب يذبح ويقتل ويسبي وينتهك الحرمات والمقدسات، ويستبيح إنسانية الإنسان. ودول تتربص وتتدخل وتصب الزيت على النار، إمّا انتقاماً وحقداً وإما طمعاً بأرض وثروة، ما دامت الأرض سائبة بلا جدران أو سياج، حيث تم ضرب الجيوش وتدميرها، وكذلك المؤسسات والدول التي تحولت إلى هياكل.

وكي تستكمل الصورة قتامتها، برزت الفتن الطائفية والمذهبية وصار للهويات الصغرى دورها في تحديد مصائر الدول والشعوب، بعدما تفككت العروة الوثقى التي تمثلها الأمة بمضمونها القومي الجامع التي كانت عبر التاريخ، هي الملاذ والمرتجى.

الحقيقة، نحن في حالة انتحار جماعي كارثي لوطن عربي كبير، يتوزع على قارتين، ويمتد عميقاً في التاريخ، ويكاد يصل تعداد أهله إلى نصف مليار إنسان بعد سنوات. انتحار على مستوى إنساني وحضاري واجتماعي، حيث غرقت بنا السفن وتأخرنا عن الركب العالمي الذي يحث الخطى على الإمساك بالمعرفة والتكنولوجيا والتقدم، وبتنا في آخر الصفوف نلعق جراحنا وخيباتنا ونستلذ بلحس المبرد. وتركنا لمجموعات من الأوباش الظلاميين تستحوذ على ديننا وتشوه معانيه ومقاصده، وتستخدمه مطية لمصالحها، ومصالح قوى مستترة، ولغايات شخصية، تلبيةً لغرائزها وشهواتها.

هذا هو وضعنا المأساوي، بلا تزوير أو تزويق، فمن يوقف هذا الانهيار المريع؟ من هذا الذي يستطيع أن يضمد الجراح سريعاً، ويلم الشمل؟ من هو هذا العربي الأصيل الذي يمكن أن يطل علينا على حين غرة ويخرج الأمة من القاع؟ من هو هذا الذي يستطيع أن يمنع العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، من السقوط؟ من يعيد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح نحو فلسطين؟

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً