اراء و أفكـار

لنعرف “أوادمنا” فنكتب لمن يقرؤون!!

صباح الامي

سَألني سائل: “لمن تكتبون؟”، ما دامت الحكومة لا تقرأ، ولا تعلق، ولا تحسبُ لكم حساباً. لمن تكتبون، والبرلمان لا تتحرّك شعرة في رأس “أكبر كراسيّه”، حتى لو تخطيتم جميع الخطوط الحُمر، وتجاسرتم، أو قلتم ما لم يُقل؟!
وزاد السائل على هذا الكلام، قوله: لنفترض جدلاً أنكم تكتبون فقط للناس الذين يطالعون صحفكم اليومية، فهل الطريقة التي تكتبون بها مناسبة، وموجّهة فعلا للقراء أي للمواطنين لا للمسؤولين؟ هذا السائل “ينبّش”، ويدقق في حقائق ربما يكون جديراً بنا نحن الكتاب والصحفيين العراقيين أنْ ننتبه إليها جيداً، في الأقل لـ”نعرف أوادمنا”، فنتوجه في مقالاتنا وأعمدتنا وآرائنا الى من يقرؤون كتاباتنا، ويعدّونها جزءاً من وسائل التغيير الذي قد يتحقق يوماً في هذا البلد “المتكلـّس” عند حال أرادت الطبقة السياسية أن تبقى لأكثر من عقد من السنين، جامدة عليها –أي على تلك الحال- من دون أي حراك، أو تعديل، أو تبديل!
أعتقد –وهذا الأمر ناقشته مع عدد من زملائي وأصدقائي الكتاب والصحفيين والأكاديميين- أننا في الغالب عندما نكتب مقالاتنا، نضع في أذهاننا مسؤولي الحكومة، وأعضاء البرلمان، وعناصر الطبقة السياسية، بل نفكر أحياناً بالحكومة وبخصومها، وحتى بدول الإقليم، وبأيديها وأرجلها الممتدة في ثنايا البلاد من أقصاها الى أقصاها.
وأعني بذلك أننا قلما نفكر بجعل آرائنا وأفكارنا في الأعمدة السياسية، وفي جميع فعالياتنا الصحفية، مادة تخاطب القارئ، تحرّضه على العمل في الاتجاهات السليمة والصحيحة التي تخدم مصالحه، وتقلل حجم تضحياته في الحياة اليومية، وتحدّ من خسائره، وتمنحه فرصاً أفضل في التعرّف على كيفية حماية نفسه، قانونياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وفي كل شأن من شؤونه.
وبرغم قساوة التجربة التي مررنا بها في أكثر من عقد من السنين، إلا أننا لا نريد أنْ نعترف بأنّ الحكومات المتعاقبة، تتغافل تماماً عن دور الإعلام والصحافة في بناء المجتمع والمؤسسات، لأنها تعتقد –وهذه مسألة يكرر الحديث عنها سياسيون كثيرون- أنّ أجهزة الإعلام والصحافة، مأجورة، ومنحرفة، وصفراء، وغير ذلك من الأوصاف التي “تلهج” بها ألسنة بعض السياسيين الحكوميين!
هذا يعني أننا يجب أنْ نعمّق نظرتنا الى “رسالتنا” في العمل الصحفي بأن نجعلها موجّهة بشكل أساس ومركزي ومكثف الى الناس، الى قرائنا من المواطنين، لا من المسؤولين. وأظن أننا سنحقق مؤشرات “عمل” أفضل مما هي عليه الحال الآن، خاصة إذا أجدنا مخاطبة القراء، لأنهم هم الذين سيتغيّرون، و”يغيّرون”، وسيفرضون على الحكومة والبرلمان حينئذ حالاً أخرى في طريقة التعامل مع ما تنشره الصحافة وتبثه وسائل الإعلام المختلفة.
نعم علينا أن نعرف “أوادمنا” فنكتب لمن يقرؤون، لمن يجدون في هذا الذي تنشره صحفنا، كلاماً يشكل “وجدان شعب”، وليس هرطقة، ينفر منها أرباب الحكومة، والبرلمان!

نقلا عن “المشرق”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً