اراء و أفكـار

ناغورني كاراباخ.. حرب بالوكالة

اندلاع الحرب مجدداً بين أرمينيا وأذربيجان، هو استمرار للحرب بينهما من عام 1992 وحتى 1994 والتي أدت يومها إلى مقتل حوالى 35 ألف شخص وتشريد زهاء مليون شخص، إلا أن توقف الحرب بينهما آنذاك كان أقرب إلى وقف لإطلاق النار، إذ ظلتا في حالة حرب، رغم الجهود الفاشلة التي بذلتها «مجموعة مينسك» التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.. لذا فإن تجدد القتال بينهما لم يكن مفاجئاً لأن أسباب الخلاف ظلت قائمة حول إقليم كاراباخ تحديداً. إذ إن أذربيجان تعتبر الإقليم جزءاً من أراضيها في حين ترى أرمينيا أن من حق سكان كاراباخ تقرير مصيرهم باعتبار أن الأرمن يشكلون أكثر من 90 بالمئة من سكان الإقليم الذي لا تتعدى مساحته 4800 كم مربع، وقامت بدعمهم في حرب السنتين وتمكنوا من إقامة كيان خاص غير معترف به بعيداً عن السلطة الأذرية.
وبما أن الصراع يدور في قلب القوقاز وقريباً من منابع النفط في بحر قزوين، فقد تشابكت المصالح الإقليمية وزادت من حدته وخطورته،وأخذ منحى التنافس الجيوبوليتيكي بين كل من روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الإرث الكبير من العداء التاريخي بين الأذريين والأرمن من جهة، وبين الأرمن وتركيا من جهة أخرى.. أي إنه صراع عرقي يتغذى من خلافات الماضي، ويضاف إليه الصراع الإقليمي.
فتركيا تدعم أّذربيجان علانية، وقد أعلن الرئيس التركي إثر تفجر الصراع مؤخراً أن تركيا تدعم أذربيجان «حتى النهاية»، وأضاف «نصلي من أجل انتصار أشقائنا الأذريين في هذه المعارك»، في حين أن إيران التي تدعم أرمينيا علناً ولها علاقات اقتصادية وسياسية وثيقة معها.
روسيا والولايات المتحدة والدول الأوروبية دعوا الى ضبط النفس ووقف الاقتتال وتحقيق السلام، خشية تطور الاشتباكات إلى حرب واسعة بين البلدين ما قد يؤدي إلى تورط إقليمي واسع.
في المشهد الإقليمي، لا يخفى دعم روسيا لأرمينيا، فهناك تعاون عسكري بينهما، وهناك قاعدة عسكرية روسية على مقربة من العاصمة يريفان، كما تقوم روسيا ببناء محطات للطاقة..وبالنسبة لإيران فإن دعمها لأرمينيا أسبابه اقتصادية، فأرمينيا تحتاج إلى النفط الإيراني أما أذربيجان فتصدره مثل إيران، ثم إن باكو في مطلع استقلالها تحالفت مع تركيا للترويج لمشروع «الجامعة الطورانية»، ما يعني إزاحة إيران عن المنطقة، رغم أن البلدين (إيران وأذربيجان) يجمعهما المذهب الإسلامي الشيعي.
إذا جمعنا كل هذه الأسباب نقف على حقيقة مؤداها أن الحرب الأذرية ــ الأرمنية هي بشكل أو بآخر حرب إقليمية بالوكالة.. تنتظر من يزيدها اشتعالاً أو من يعمد إلى إطفائها خوفاً من توسعها.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً