اراء و أفكـار

هدم المنازل

يقوم الكيان الصهيوني بهدم مئات المنازل سنوياً في الضفة الغربية ومنها القدس الشرقية، بل هو يقوم بهدم منازل العرب داخل الكيان نفسه. الأسباب الظاهرية لهذه السياسة متعددة، فبعضها يفسر بكون المنازل المهدومة لم تحصل على التراخيص اللازمة، وحصول الفلسطينيين على تراخيص لبناء منازل أو حتى إضافة غرف إلى منازل تكاد تكون مستحيلة.
وبعض المنازل تهدمها قوات الاحتلال لمعاقبة أسر الذين تتهمهم «إسرائيل» بهجمات ضدها. كما أن الاحتلال يهدم منازل أخرى لأسباب تتعلق بالاحتياجات الأمنية للكيان. ومع ذلك، فإن الهدف الأساسي من الهدم هو تشريد الفلسطينيين ودفعهم إلى الهجرة.
ويؤكد ذلك أن الكيان لا يمنح تراخيص للبناء في الضفة الغربية بالرغم من تزايد النمو السكاني فيها. أما سياسة الهدم من أجل العقاب فهي من جهة غير رادعة كما تقول لجنة عسكرية من الكيان نفسه، وهي من الجهة الأخرى تخلق جواً سياسياً ومعنوياً غير مناسب للكيان الصهيوني. ومع ذلك، فهو لا يهتم لهذه الأمور بالرغم من أنها لو كانت الأسباب الحقيقية لما كانت عقلانية نسبة إلى كلفها السياسية والمعنوية.
وأكثر من ذلك، فالكيان يمضي قدماً في سياسة الهدم انتهاكاً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحرم تدمير الممتلكات المنقولة والثابتة، وهو أيضاً انتهاك للمادة السابعة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على عدم جواز تجريد أي إنسان من ملكه تعسفاً. ومن أجل تحقيق هدفه الحقيقي يستخدم الكيان الصهيوني في تبريره لهدم المنازل قانون الطوارئ الذي فرضته بريطانيا في فترة انتدابها على فلسطين، والذي لم يعد مشروعاً بعد انتهاء الانتداب.
هذه الانتهاكات المتنوعة لمختلف القوانين الدولية بما يترتب عليها من آثار معنوية وسياسية في الكيان الصهيوني لا يمكن أن تبرر ما يعلنه من أسباب.
الشيء الوحيد الذي يمكن أن يبرر سياسة الهدم هو هدف جوهري واستراتيجي يمكن أن يسوغ انتهاكاتها وبالتالي الكلف المترتبة على ذلك. فالكيان يدرك تماماً أن مشروعية استمراره يعطلها الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية. ولطالما عمل من خلال المذابح التي ارتكبها والفظائع التي شنها على الشعب الفلسطيني من أجل تشريده. بل إن كثيراً من سياسييه أنكروا الوجود الفلسطيني ابتداءً. والكيان لا يكل ولا يمل من أجل توطين اللاجئين الفلسطينيين في بلدان الشتات، بل ويستخدم أحياناً المنظمات الدولية من أجل تحقيق ذلك. فالهدم الجاري منذ سنوات هو جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الصهيونية لتصفية القضية الفلسطينية.
ومن هذا المنطلق ينبغي النظر إلى هذه السياسة والعمل على مقتضاها حتى لا يغرق الفلسطينيون في التفاصيل.
نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً