اراء و أفكـار

مفهوم الإصلاح الجذري

محمد صادق جراد

عملية تقديم اسماء الحكومة الجديدة الى البرلمان ربما نجحت في فض الاعتصامات امام بوابات المنطقة الخضراء لكنها لم تكن كافية لاتفاق القوى السياسية على مفهوم الاصلاح الجذري الذي يطالب به رئيس الوزراء حيدر العبادي فلطالما سمعنا القوى السياسية وهي تطالب بحصتها ووزنها في حكومة التكنوقراط الجديدة وهذا يتقاطع مع مفهوم الاصلاح الجذري الذي يطالب به العراقيون عبر مغادرة المحاصصة والتوافقية في توزيع المناصب والمكاسب السياسية.
ولو اردنا ان نتحدث بصراحة فسنقول بأن آليات التصويت والاختيار في البرلمان العراقي ستبقى خاضعة للمحاصصة تحت شعارات الشراكة والتوافق، ومن هنا نجد ضرورة تغيير آليات العمل السياسي باتجاه التغيير الجذري وفق معايير دستورية وديمقراطية حقيقية شفافة بالاضافة الى ضرورة ان يشمل الاصلاح اعادة النظر ببعض المواد الدستورية والنظام الانتخابي الذي انتج اكثر من برلمان ضعيف غير قادر على تشريع القوانين المهمة.

من هنا ندرك بأن تغيير الكابينة الحكومية المولودة من رحم المحاصصة بأخرى تكنوقراط لن يكون الحل الجذري، فلو رجعنا الى الوراء قليلا فإننا سنجد ان هناك مشاريع قوانين تم طرحها والتصويت عليها بالإجماع من قبل مجلس الوزراء ولم تجد القبول في مجلس النواب الذي امتلأت أدراجه بالقوانين المهمة والمعطلة والتي تلامس مصلحة المواطن وحياته اليومية, لنجد أن مصالح الكتل والقوى السياسية أصبحت تتقدم على مصلحة المواطن ومصلحة الدولة وهناك أمثلة سابقة
كثيرة في هذا المجال ومنها زيادة عدد الوزارات بما يضر بالمصالح العليا ويخدم مصالح الكتل والأحزاب التي أصبح كل همها تقاسم المغانم والمكاسب عبر تواجدها في السلطة التنفيذية وهي تدّعي حرصها على تمثيل المكون والطائفة في الحكومة حتى بات كل شيء في العراق مقسما بين الكتل حتى الهيئات المستقلة التي حرصت الأحزاب على ان تكون ممثلة في هذه الهيئات، اذ لم تدع المحاصصة والتوافقية اي ركن من أركان العملية السياسية دون تقسيم ومشاركة الجميع فيها بعد ان رفض الجميع ان يقوم بدور المعارضة البرلمانية لانها لا تدر عليهم المنافع المادية فغابت عن المشهد البرلماني طيلة سنوات التجربة الديمقراطية وغاب معها الطرف المراقب والموجه للعمل السياسي والمتابع لعمل السلطة التنفيذية، الأمر الذي جعل دور الرقابة ضعيفا ومقتصرا على منظمات المجتمع المدني والنشطاء الإعلاميين والمدنيين. ومن هنا نقول بأننا بحاجة الى عملية تغيير جذري في مسار العمل السياسي ونتمنى ان يكون مشروع الإصلاح الذي طرحه العبادي مدخلا لتغيير مسار العملية السياسية والخروج من نفق المحاصصة المظلم باتجاه نظام ديمقراطي حقيقي يلبي طموحات العراقيين الذين فرحوا بسقوط النظام الدكتاتوري السابق وتأملوا ان يكون هنالك بدلا عنه نظام ديمقراطي يوفر العيش الرغيد لهم وللأجيال القادمة.

نقلا عن “المستقبل العراقي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً