اراء و أفكـار

ماذا يتبقى غير السكاكين؟

عدم وضوح الرؤية والموقف يؤدي إلى السقوط في الخطأ، وقد يكون الخطأ مميتاً إذا كان نتيجة سوء تقدير جراء سلوك سياسي ونهج مقصودين.
الطامة الكبرى أن نتيجة هذا الخطأ لن تقع على مرتكبه فقط إنما على شعب بأكمله.. وهذا هو حال الرئيس الفلسطيني محمود عباس وموقفه من الانتفاضة الحالية ومحاولته استثمارها السيئ في العودة إلى المفاوضات.. تماماً كما تم استثمار الانتفاضة الأولى للوصول إلى اتفاقات أوسلو الكارثية، حيث تمت مقايضة دماء مئات الشهداء وتضحيات كل الشعب الفلسطيني في صفقة خاسرة لا يزال هذا الشعب يحصد ثمارها المرة والمجبولة بالدم حتى الآن.
الرئيس عباس يمد يده من جديد إلى رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو على أمل استئناف المفاوضات التي اعتقدنا أن السلطة الفلسطينية دفنتها ووضعتها خلف ظهرها بعدما اقتنعت أنها عبثية، ولم تنتج إلا الخيبة والفشل طوال أكثر من عشرين عاماً.
عباس يناشد نتنياهو الموافقة على الاجتماع به لاستئناف المفاوضات، ويقول له من أجل استرضائه أنه يعمل على وقف هجمات الطعن الفلسطينية ضد جنود الاحتلال ورعاع المستوطنين.. بل ذهب إلى أبعد من ذلك موضحاً له أن قوات الأمن الفلسطينية تقوم بمداهمة المدارس وتفتيش حقائب التلاميذ بحثاً عن سكاكين يحتمل استخدامها ضد الصهاينة، وأنه تمت مصادرة سبعين سكيناً في مدرسة واحدة!!
هل يعقل أن تقوم قوات أمن فلسطينية بمداهمة المدارس وتفتيش الطلاب وحقائبهم؟ هل تحولت مهمة هذه القوات من حماية الشعب الفلسطيني كما يفترض إلى حماية جنود العدو ومستوطنيه؟
من الواضح أن السلطة الفلسطينية تصر على التنسيق الأمني مع الاحتلال حتى ولو ارتكب أعمال إبادة وجرائم حرب كما نراها حية على الشاشات يومياً، وتقديم خدمات مجانية له كي تنال رضاه ويقبل بالجلوس معها.
لعل السؤال الذي يمكن أن يوجه إلى السلطة وسط هذه الملهاة -المأساة هو: أليس لدى السلطة من بدائل إلا دفن الانتفاضة الحالية والتفريط في دماء مئات الشهداء الشبان وآلاف الأسرى.. وإحباط آمال وأحلام وتطلعات جيل يتمسك بوطنه ويفتديه بالأرواح والمهج رداً على تخاذل قيادته وتفريطها بحق لا تملكه؟
من الواضح أن القيادة الفلسطينية شاخت وأنهكت وتعبت وخارت قواها ولم تعد قادرة على استكمال المشوار، وباتت تتخبط يمنة ويسرة بحثاً عن خلاص حتى ولو كان الاستسلام لشروط العدو مهما كانت.
بعد مصادرة السكاكين حتى ولو كانت في المطابخ، هل تعتقد السلطة الفلسطينية أن نتنياهو أو غيره من المسؤولين الصهاينة سوف يقبلون بالمفاوضات ويقدمون «الدولة الفلسطينية» ولو على طبق من دم؟

نقلا عن الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً