المخاطر البيئية
اعتاد المنتدى الاقتصادي العالمي أن يصدر منذ عام 2006 تقريراً سنوياً عن المخاطر العالمية، ولكنه للمرة الأولى يضع في تقريره لهذا العام الخطر البيئي على لائحة المخاطر العالمية.
ومن ينظر في الأسباب لا يَعجب من الأمر.. فالمخاطر البيئية تسببت في وفاة ما يزيد على اثني عشر مليوناً ونصف المليون من البشر، وهذا يعادل ربع الوفيات في العالم. ومعنى ذلك، أن الأمراض البيئية أصبحت تحصد الكثير من الأرواح، وأن إنقاذ هذه الأرواح يعتمد على قدرة البلدان على وضع السياسات المناسبة. وهذه السياسات ينبغي أن تنصرف إلى منع التلوث الذي يصيب الهواء والمياه والتربة بسبب سوء التصرف في المواد الكيماوية.
فالزراعة تعتمد كثيراً على المبيدات الكيماوية التي تلوث التربة ومنها تلوث المياه الجوفية، كما أنها تتسرب إلى الهواء. والكثير من الصناعات تتخلص من نفاياتها بشكل عشوائي يضر بالبيئة القريبة والبعيدة.
كما أن بلداناً كثيرة لا تملك أنظمة وطرقاً حديثة للتعامل مع النفايات الناتجة عن الاستهلاك البشري. هذه البلدان حتى لو امتلكت الوعي فهي تفتقد إلى القدرات التنظيمية والمالية التي تمكنها من التعامل الصحيح مع النفايات. والأنكى من ذلك، أن بعض البلدان المتقدمة تجعل من بعض البلدان الفقيرة مكباً لنفاياتها، فهي لا تخلص العالم منها وإنما تعيد تدويرها بحيث تتحمل البلدان النامية كلفتها الكبيرة. وهي بهذا تظن أنها تتخلص من نتائجها. ولكن ذلك غير صحيح فهذه النفايات سرعان ما سترتد إليها بأشكال مختلفة.
فالمياه سواء كانت في باطن الأرض أو جارية حينما تتلوث تنقل ذلك إلى كل المنتجات زراعية كانت أو حيوانية، والهواء حينما يتلوث لا يعترف بحدود سياسية بل ينتقل حيث تدفعه الرياح. والأمر الآخر، أن البلدان المتقدمة حتى وإن تخلصت من نفاياتها برميها على البلدان النامية، إلا أن للأمر حدوداً.
فالأخيرة لها قدرة محدودة على استيعاب النفايات وتجاوز ذلك قد يؤدي إلى أوبئة بيئية ستؤثر
بلا شك على العالم بأجمعه. المشكلة إذاً عالمية من حيث منطلقها ومن حيث نتائجها، وهي تقتضي معالجة من جنسها.
والبدء يكون في المنطلقات أي في تنظيم شامل وحازم لاستخدام المواد الكيماوية في عملية الإنتاج والاستهلاك، وكذلك في مساعدة البلدان النامية على بناء أنظمة للاستخدام والتدوير ترقى إلى المستوى العالمي، ودعمها مالياً من أجل تمكينها من الحصول على المعدات اللازمة لذلك. ولا تستطيع البلدان المتقدمة التهرب من هذه المسؤولية، فهي المنتج الأول والرئيسي لكل المواد والمنتجات الملوثة للبيئة، كما أنها كانت المسبب الأول للتلوث في العالم حينما كانت لا تأبه طيلة عشرات السنين لطريقة التخلص من نفاياتها.
نقلا عن “الخليج