اراء و أفكـار

بعد المظاهرات… هل تستقيل حكومة العراق؟

شهدت بغداد، ومدن عراقية اخرى، العديد من المظاهرات احتجاجا على الاوضاع الخطيرة في البلاد، فيما تبدو الحكومة غير قادرة على حصول الاصلاحات الشعبية.
كل هذه المظاهرات تندد بالفساد المستشري في الحكومة العراقية، في ضوء أزمة الطاقة الكهربائية التي تركت العراقيين يكتوون بدرجات الحرارة العالية في الصيف بالعراق.
وأدى آلاف المتظاهرين صلاة الجمعة أمس في شارع رئيسي يؤدي إلى المنطقة الخضراء القريبة وبعدها نصبوا خياما ليقيم فيها المشاركون في الاعتصام.
وقالت الداخلية العراقية إنها لم تصرح بالاعتصام وسدت قوات الأمن في البداية الطرق والجسور المؤدية إلى المنطقة الخضراء قبل أن تسمح بعد ذلك للمتظاهرين بالسير حتى قرب مدخل المنطقة.
وعلى جسر الجمهورية فوق نهر دجلة تنحت قوات الأمن جانبا وسمحت للمتظاهرين بإزالة الأسلاك الشائكة. وردد المتظاهرون هتافات تدعو للتخلص من «الحرامية» أثناء تحركهم فوق الجسر وأخذوا يرددون «نعم نعم للعراق.. كلا كلا للفساد».
وقد دعا المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى اتخاذ اجراءات حاسمة ضد المسؤولين الفاسدين وضرب كل المتورطين بالفساد «بيد من حديد». لكن شيئا لم يحصل لتحقيق اصلاحات تذكر، بل المعاناة اصبحت تتفاقم حقا.
الواقع ان الزعيم الشيعي الصدر قد أعلن رفع رسوم العلم العراقي، والتبرؤ من كل فاسد في الحكومة حتى اذا كان البعض ينضم عمليا إلى حزبه.
وكانت اتفقت الرئاسات الثلاث في العراق (الجمهورية، والوزراء، والبرلمان) وقادة الكتل السياسية، على خطة رئيس الحكومة حيدر العبادي الإصلاحية، والمتضمنة إجراء تعديل وزاري، وفق برنامج إصلاحي شامل، قبل التظاهرة الحاشدة التي دعا لها مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري. الا ان ثمة مشاكل منعت اي اتصالات بين تلك الجهات. كما شارك في الاجتماع عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، وصالح المطلك، رئيس الكتلة العربية، وأحمد المساري، رئيس كتلة اتحاد القوى في البرلمان، ومحمود المشهداني، رئيس البرلمان الأسبق، كما حضر ممثلون عن الأحزاب الكردية.
وقال الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي المنضوي في التحالف الوطني، عقب الاجتماع إن «الرئاسات الثلاث، وقادة الكتل اتفقوا على إجراء تعديل وزاري وفق برنامج إصلاحي شامل».
وفي 11 مارس/ آذار طلب العبادي من الكتل السياسية في البرلمان والشخصيات المؤثرة في المجتمع ترشيح تكنوقراط لحكومته لكن قدرته على المناورة تبدو محدودة نتيجة الضغوط التي تمارسها الفصائل السياسية خوفا من انحسار نفوذها.
أما الواقع الذي اصبح حقيقيا فهو الفشل في اي اتفاق بين السياسيين في العراق. اما الشعب فقرر دخول اعتصامات واسعة تجري امام المنطقة الخضراء للاصرار على تطبيق المطالب العادلة للإصلاح.
أما الخسائر فإنها كارثية ومعروفة من جهة العمليات الارهابية التي تصل إلى بغداد بشكل مستمر. ناهيك عن القوات الحكومية التي تنهار بشكل متصاعد، فيما يواصل الحشد الشعبي الشيعي انفلاته ضد أهل السنة في العراق. وفي الوقت نفسه، ماذا فعلت الحكومة بعد ان توفيت الجمعة طفلة في الثالثة من عمرها جراء اصابتها في قصف بمواد كيميائية على بلدة تازة شمال العراق نفذه تنظيم «الدولة» الارهابي الاربعاء وادى كذلك إلى اصابة المئات بالاختناق وبطفح جلدي، وفق مصادر طبية ومحلية.
أما العبادي فالحقيقة انه يستمر في التراجع عن المطالب الحقيقية الشعبية خوفا من القوى السياسية التي يسيطر عليها حزبه.
ان العبادي اصبح عمليا لا يحترم أي ارادة للشعب العراقي. أما الحقيقة فهو أصبح عاجزا عن تحقيق اي مطالب اساسية. أما المعاناة الامنية والسياسية والمالية فانها اصبحت لا تعني شيئا بالنسبة للحكومة ورئيسها. والسؤال هو لماذا بقاء رئيس الوزراء في منصبه حقا؟

نقلا عن “القدس العربي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً