«إسرائيل» العنصرية
لم يعد المعادون أو المخاصمون للكيان الصهيوني من يقول إنه عنصري، وإنما من هم جزء منه يؤكدون ذلك. فالسفير السابق للكيان أوري سافير يقول إن العالم بدأ يرى في سياسات الكيان عنصرية وتطهيراً عرقياً. وهو يرى أن هذه النظرة قد بدأت تترسخ بسبب إصرار الكيان على يهودية الدولة التي تقود بالتدريج إلى التخلي عن ديمقراطيتها، وبسبب الدمج العملي للأراضي المحتلة ، والسياسات القمعية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة جعل اليهود نصف السكان. وهذه قراءة ليست صحيحة إلا من حيث أن العنصرية أصبحت فاضحة حتى لم تعد تخفى على أحد في العالم.
فالكيان قام منذ بدايته على الاغتصاب للأرض والمجازر للفلسطينيين، ورسّخ نفسه بالكثير من القوانين والإجراءات التي تحول دون حصول الفلسطينيين الذين بقوا داخل الكيان من التمتع بنفس ما يتمتع به اليهودي، ليس فقط داخله وإنما من خارجه.
ومنذ قيام الكيان وهو يمارس سياسة الغزو والحرب ليس ضد الفلسطينيين وإنما ضد البلدان العربية المجاورة. وليس في الحرب ديمقراطية وليس في الاحتلال ديمقراطية، ولكن الصورة المزوّرة التي خلقها اللوبي اليهودي بمساندة من البلدان الغربية بأنه واحة للديمقراطية في الشرق الأوسط هي التي ساهمت في أن يبعد عنه التدقيق والتمحيص في واقع إجراءاته وقوانينه وممارساته.
لقد نجح الغرب في تحصين «إسرائيل» عسكرياً واقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً وكذلك إعلامياً، ولكن ضراوة الإجراءات «الإسرائيلية» وحماقة المتسيدين في الكيان جعلت من الحصانة الإعلامية سداً واهياً سرعان ما بدأت تظهر فيه الثغرات الكبيرة. فالكذب والتدليس الإعلامي قد يمرا لبعض الوقت، ولكن طوفان الإجراءات «الإسرائيلية» المنتهكة لكل القوانين الدولية تجاوزت كل روافع التضليل، وما عاد بإمكان أحد أن يماري بطبيعة الكيان العنصرية. ما يجري الآن هو وضع اللوم على السياسيين «الإسرائيليين» قصيري النظر أو على السياسات الحمقاء، وكأن الكيان سيتغير إن ذهب هؤلاء السياسيون أو غابت تلك السياسات.
لكن الظن أن الأمر كذلك، هو وعي مزيف بحقيقة العنصرية «الإسرائيلية». فهؤلاء السياسيون وتلك السياسات ليسا إلا تفريخاً من طبيعة الكيان نفسه. فهو ليس كياناً طبيعياً ، كما هو حال بلدان العالم الأخرى، وإنما هو كيان قام على اغتصاب أرض وإنكار وجود شعب. وهذان أمران لا يمكن لهما الاستمرار لأنهما بطبيعتهما انتهاك لكل ما هو شرعي وقانوني، وغير الشرعي لا يستديم أمره إلا بسياسات وسياسيين من جنسه.
فالعنصرية والفصل العنصري هما نتاج غير شرعي تماماً ، كما كان الحال في جنوب إفريقيا.
نقلا عن ” الخليج “