اراء و أفكـار

الضرب في العمق

من يتابع مسيرة الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال «الإسرائيلي»، التي دخلت شهرها السادس يمكن أن يلاحظ علامتين بارزتين في مسيرتها.
فهي أولاً ما زالت متواصلة ومتصاعدة في وتيرتها ولم يصبها فتور أو انكماش أو ضعف كما كان يأمل الكيان أو كما كان يراهن بعض الفلسطينيين والعرب اعتقاداً منهم أن الشعب الفلسطيني قد أصابه التعب، ثم إن هذه الانتفاضة غير منظمة ويشارك فيها شبان بلا تجربة سوف يصابون بالملل، إضافة إلى أن المنظمات الفلسطينية الفاعلة والمؤثرة تنأى بنفسها عن الانتفاضة وتكتفي بالتأييد الكلامي لها، وفقاً لحسابات تنظيمية وسياسية وأمنية لا علاقة لها بحسابات الشعب الفلسطيني وتطلعاته ومواقفه من مسألة الصراع مع العدو «الإسرائيلي».
العلامة البارزة الأخرى، هي أن الانتفاضة تطور أدوات المقاومة وتمزج بين عمليات الطعن والدهس واستخدام السلاح، وصارت أكثر تنظيماً، والخلايا العاملة توزع عملياتها على اتساع الأرض المحتلة في القدس والضفة وداخل فلسطين 48، مما يعني أن حجم المشاركة أيضاً يتسع وتتراكم المزيد من الخبرة.
الملاحظ أن معظم الذين ينفذون العمليات ضد المستوطنين والجنود يأخذون في الاعتبار أنهم ينفذون عمليات استشهادية لأن العدو اتخذ قراراً بالإعدام الفوري لكل شاب فلسطيني ينفذ عملية معينة، بل تنفذ قوات العدو عمليات الإعدام على الشبهة، ومع ذلك لا يتهيب الشبان عمليات المواجهة، وإن كلفهم ذلك حياتهم.
المتابع لردود فعل العدو بوسائل إعلامه وجنرالاته وسياسييه ومستوطنيه يدرك حجم الخوف الذي يعتري الجميع الذين يشعرون بأن أمنهم يتلاشى وحياتهم في خطر وسلامتهم موضع شك، وأن ترسانة الأسلحة المتطورة والقوة الباطشة عجزت حتى الآن عن توفير الأمن للكيان ومستوطنيه، وأن انتفاضة غير مسلحة قادرة على تحويل حياة «الإسرائيليين» إلى جحيم.
وعندما تضرب الانتفاضة في عمق الكيان.. في حيفا ويافا وتل أبيب والعفولة وناتانيا، فهذا يعني أنها تصيب مقتلاً، أي تضرب عصب الحياة في الكيان.
يا ليت العرب يدركون أن عدوهم يمكن هزيمته، لو تضامنوا واتفقوا وقرروا وأعادوا تصويب البوصلة، حيث يجب أن تكون باتجاه فلسطين.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً