اراء و أفكـار

مشكلة الجوع

العالم يعاني مشكلة الجوع التي تزداد تفاقماً لأسباب مختلفة معظمها من صنع البشر.

فالإحصاءات تؤكد أن ما يقرب من ثمانمئة مليون إنسان يعانون سوء التغذية، وهذا يعني أن واحداً من ستة أشخاص في العالم يعانون الجوع.
ولكن النسبة تزداد في جنوب الصحراء الإفريقية حيث إن واحداً من كل أربعة أفراد يعاني سوء التغذية والجوع. وهذه النسب المرتفعة من الجوع تؤدي إلى زيادة الوفيات ، حيث يموت ما يزيد على الثلاثة ملايين طفل فيها ، أي ما يعادل 45% من عدد الأطفال دون الخامسة.
ورغم أن الأمم المتحدة وضعت أهدافاً من أجل القضاء على الفقر والجوع في العالم، لكن مشكلة الجوع تتفاقم. وهذا التفاقم يعود في بعض المناطق إلى ازدياد الجفاف في السنوات الأخيرة ، كما هو الحال في جنوب الصحراء الإفريقية. فظاهرة النينو المناخية من المحتمل أن تزيد عدد الجوعى في إفريقيا إلى خمسين مليوناً. بل إن جنوب إفريقيا ، سلة الغذاء الرئيسية في القارة ، سجلت أكثر السنوات جفافاً ، انعكست في تضاعف أسعار المواد الغذائية، وفي إفقار الملايين من الأفراد.
هذا الوضع المأساوي للفقر في العالم، وبالذات في القارة الإفريقية يزداد مأساوية ، حين العلم أن الناتج الزراعي في العالم يكفي لسكان العالم، وهو مثير للحزن أكثر عند إدراك أن الإنفاق على التسلح الذي يقود إلى الحروب وإلى قتل الملايين ، يفوق كثيراً احتياجات أي برنامج طويل المدى للقضاء على الجوع.
الجوع ظاهرة تتزايد في العالم لأسباب بنيوية في الأساس يضاعفها الجفاف بين الحين والآخر. فالقارة الإفريقية مثلاً تتمتع بخيرات كثيرة ، سواء من حيث القدرة على الإنتاج الزراعي أو اختزانها لكثير من الموارد الأولية المعدنية وغيرها. ومع ذلك، فهي ترزح في الفقر في معظمها ، لأنها على مدى التاريخ الحديث تعرضت للاستغلال البشع لمواردها. وهذا الاستغلال مستمر حتى وإن تغيرت أساليبه. فالتجارة العالمية التي وضع قوانينها الأقوياء والأغنياء تعمل لزيادة غنى هذه البلدان، ولترسيخ واقع التبعية للبلدان الإفريقية. وفي نفس الوقت يتزاحم الأغنياء على التظاهر بالعطف والشفقة على الجوعى والفقراء من خلال تقديم الفتات كإحسان، بينما مشكلة الجوع والفقر البنيوية تحتاج إلى علاج من مثلها.
ما تحتاجه البلدان الفقيرة هو إعادة هيكلة البنى الاقتصادية في هذه البلدان حتى لا تعيد إنتاج فقرها وجوعها. فالحل لا يكمن في الإحسان، وإنما في تمكين هذه البلدان من النهوض اقتصادياً بالاستثمار ، ونقل التقانة وقبل كل شيء تغيير القوانين الاقتصادية حتى تكون منصفة لهذه البلدان الفقيرة.
نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً