اراء و أفكـار

الإرهاب الإيراني يكفر الشعب السوري

داود البصري

أسلوب رث جديد وعدواني محض ويتسم بقدر هائل من الخبث. ذلك الذي لجأ إليه النظام الإيراني في تكفيره للشعب السوري وللثورة السورية وفي استعمال الدين وسلاح التكفير كسلاح ستراتيجي إيراني تختفي من ورائه الأطماع الهمايونية الإيرانية المستهدفة لأنظمة المنطقة وأمن ومستقبل شعوبها!
لم يتعرض شعب من الشعوب في التاريخ المعاصر لحملة إرهاب دولي وإقليمي جماعية ومركزة ومنسقة وفق ترتيبات وسيناريوهات خبيثة وتقودها عواصم كبرى أكثر من الشعب السوري. والذي يخوض المواجهة الصعبة على مستويات مختلفة، فهذا الشعب الذي أكملت ثورته الشعبية الكبرى عامها الخامس. مورست عليه حرب إبادة شاملة. وتكسيح حقيقي على مختلف المستويات وتعرض ويتعرض يوميا منذ آلاف الأيام لحرب إبادة لم يكتف النظام السوري بصب حمم وجحيم كل أسلحة الصمود والتصدي والتوازن الستراتيجي على رأس الشعب السوري. بل أضيفت لتلك الترسانة قدرات وجيوش الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الطائفية المتحلقة حوله في الشرق وعلى رأسها جماعات الحشد العراقي وحزب حسن نصر الله. وأخيرا دخل الـ «على» خط المواجهة «الجيش الأحمر الروسي السابق» الذي تحول اليوم لأداة عدوانية بأيدي مافيا الروسية التي لم تحترم مكانتها الدولية الإعتبارية ولم تلق بالا للدساتير والتشريعات ذات الصلة بحقوق الإنسان. بل تدخلت بعنف وكثافة وعدوانية فاشية لم يشهد لها التاريخ مثيلا من أجل كسر إرادة شعب حر قرر تحدي الفاشية والعدوان مهما كان الثمن!
اليوم يمر الشعب السوري بأكثر منعطفاته التاريخية حدة وشراسة ومصيرية. فرغم دعوات الهدنة. ورغم التدخلات الدولية المتسمة بالنفاق لحل أزمة ومعاناة الشعب السوري، إلا أن الأجراءات القائمة ميدانيا باتت توفر الفرص للنظام للإفلات من عواقب جرائمه البشعة بحق الإنسانية هناك، والطامة الكبرى إن الحروب المشهرة على السوريين لم تعد تتم بالأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا. ولابالصواريخ العابرة للبحار والدول ولا عن طريق البراميل القذرة التي يلجأ اليها النظام ككلفة رخيصة في إزهاق أرواح شعبه. بل وصلت إلى حدود غير مقبولة وظالمة عبر تطويع الدين الحنيف وإستعماله في حرب غير أخلاقية. ففي إيران لم تمنع الجرائم الحكومية السورية ضد الشعب المظلوم الولي الإيراني الفقيه من التصريح بعبارات صادمة تصف الحرب في سورية بكونها «حرب الإسلام ضد الكفر»، لا ندري هل أضحى الجيش الروسي الإرهابي جيشا إسلاميا ؟ وكيف يتم وصف الشعب السوري الثائر على نظامه الجائر الإرهابي بالكفر وهوالشعب المسلم الموحد الذي لايرفع سوى راية التوحيد وطلب النصرة من رب العباد؟ كيف يمكن خلط المصالح السياسية المتغيرة بأمور جوهرية مثل أمور الكفر والإيمان ليتم الإعتداء بغرابة وسوء نية وطوية على إيمان السوريين الأحرار عبر وصفهم بالكفر؟
الذي نعلمه ويعلمه الجميع وأولهم قادة النظام الإيراني أن النظام السوري لايرفع الشعارات الدينية وهوأساسا لاعلاقة له بملف الكفر والإيمان قدر علاقته بملف القهر والتسلط وبناء المعتقلات التعذيبية والسجون الرهيبة وإدارة عمليات التصفية البشرية، ولا أدري كيف تسنى للولي الإيراني الفقيه أن يصف معركة السوريين التحررية بكونها معركة الكفار ضد المسلمين؟ وفق أي منهج عقلي أونقلي إتخذ علي خامنئي ذلك التوصيف القاسي والظالم والمجافي لأبسط الحقائق الميدانية المعروفة، أليس نصرة المستضعفين واجب ديني وإنساني مستحق؟
وكيف تأكد من يكفر الشعب السوري الثائر من كفر وإلحاد ذلك الشعب؟ وماهي المقاييس المعتمدة في ذلك ؟ للأسف المنطقة برمتها تعيش في ظل أوضاع فوضوية إختلط فيها الحابل بالنابل وتم التجاوز حتى على القيم الدينية والإيمانية للشعوب وتسخيرها وتوجيهها نحو مسارات خطأ تدعم الفتنة. وتنشر الكراهية. وتروج للموت والدمار؟، فخافوا من رب العباد يا من تستسهلون تكفير العباد؟ وليعلم الجميع أن الثورة السورية ثورة إنسانية وقفت ضدها الدول الكواسر وتآمر عليها العالم أملا في كسر إرادة أبنائها، لكنها منتصرة بحول الله وستحقق أهدافها مهما تحولت وسائل تشويهها. ومهما ابتدع من السبل والوسائل لحرفها عن مسيرتها. وسينصر الله من ينصره ويخزي وجوه القوم المجرمين. ومن يحمل السلاح في مواجهة عصابات بطش وإرهاب يعبر عن الإيمان كله في مواجهة الظلم كله، وإيمان وتقوى السوريين الأحرار في نهاية المطاف لايحتاج لشهادة حسن سير وسلوك من أي طرف كان، وعلى من يجتهد في تكفير المؤمنين التوبة لله. فصبرا جميلا والله المستعان.

نقلا عن “السياسة الكويتية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً