اراء و أفكـار

عبد الله بن زايد والحرب المفتوحة على الإرهاب الإيراني

داود البصري

من صقيع موسكو، ومن عمق الكرملين، أطلق وزير خارجية دولة الإمارات العربية الشيخ عبد الله بن زايد عاصفة صحراء كبرى ضد الجماعات الإرهابية الرثة المتحكمة في المشهد الإقليمي المتردي، وحدد بجلاء ووضوح ومنطق علمي رصين لا يأتيه الباطل، بأن أعداء الأمة والدين ليسوا فقط أولئك الجماعات المسلحة التي يصنفها الغرب والشرق وفقا لمصالحه ورؤاه الخاصة بصفة إرهابيين دوليين، بل إن المعالجة الحقيقية لسلة الأزمات الكبرى التي تهدد الشرق بالتشظي والدمار والاستنزاف التام، هي أيضا تلكم الجماعات الطائفية المنفلتة الحاقدة التي يدعمها النظام الإيراني بل ويعتبرها الأساس المكين في ستراتيجيته المتسللة للشرق القديم الهادفة للهيمنة ولتوسيع المجال الحيوي الإيراني.
عبدالله بن زايد وقد حدد هوية العدو ومكامن الخطر بشكل واضح لالبس فيه إنما يمارس سياسة ديبلوماسية هجومية متقدمة تحتاجها المرحلة الراهنة الحافلة بالأزمات، ولعل الدلالة الكبرى والتي تستحق الاحترام في أقوال وزير الخارجية الإماراتي هي كونها إنطلقت من مركز إدارة عمليات الدعم والمساندة لتلكم الجماعات ولحليفهم في الإرهاب نظام بشار الإرهابي الفاقد للشرعية في الشام، من موسكو التي تمارس قواتها المتواجدة اليوم في العمق السوري عمليات إبادة ممنهجة ضد الشعب السوري بحجة مكافحة الجماعات الإرهابية والتصدي لها، فيما يمعنون في تمزيق وتدمير ماتبقى من المدن والقصبات السورية في ضربات هوجاء تمثل قمة إرهاب الدول الكواسر ضد شعب أعزل آمن كل ذنبه الكبير وإثمه العظيم أنه سعى ويسعى للتحرر والتخلص من قيود الفاشية والإرهاب.
ماقاله الشيخ عبد الله بن زايد إنما هو ضربة مباشرة في عمق التحالف الروسي- الطائفي الإيراني – الإرهابي السوري، ويمثل نقلة متميزة في ديبلوماسية جديدة تتقن فن إدارة الصراع وتحديد الأولويات وتداول الملفات، فجماعات دموية منفلتة من أي ضوابط وتحكمها وتسيرها توجهات عقائدية عدوانية فاشية مريضة متخلفة لايمكن لها أن تكون طرفا في القضاء على الإرهاب، لكونها هي الإرهاب ذاته، وهي منبعه الأساس وحاضنته الرائدة، فجماعات مثل حزب الشيطان اللبناني و”أبوالفضل العباس” و”بدر” وكتائب “حزب الله” وجماعة “خراسان” و”لواء فاطميون” وبقية عصابات الحرس الثوري الإيراني هي بامتياز جماعات إرهابية رثة تمارس يوميا. ومنذ سنوات، جرائم بشعة ضد الإنسانية يصمت عليها العالم للأسف ولم يدرجها حتى اليوم ضمن قوائم الجماعات والمنظمات الإرهابية لأسباب في نفس يعقوب، بينما كانت دولة الإمارات واضحة وتعرف تماما كيفية الوصول للهدف وأعلنت ومن أعلى المستويات القيادية في الدولة عن هوية وكينونة وطبيعة تلكم الجماعات وأدرجتهم ضمن قوائم الإرهاب الدولي، وبما يعزز فعليا من الجهود الإقليمية والدولية المحاربة للإرهاب وليس مجرد عمليات استعراض بائس كما تفعل بعض الأطراف الدولية.

الجرائم المروعة التي تجري في العراق على أيدي جماعات ما يسمى “الحشد الشعبي” حولت البلد لمعتقل كبير ولمسلخ حقيقي، بعد أن أضحت المدن العراقية المنكوبة بجرائم تلك الحشود من الرعاع بمثابة ساحة اختبار لكل دفعات الحقد الأسود وللنزعات الفاشية المريضة من حرق للبيوت وللمساجد ومن سرقات واغتصابات وتطهيرات طائفية مريضة ستؤدي فعلا لتمزيق العراق والمنطقة وتشظيه بالكامل، وهوما يحصل ميدانيا، وبما يضيف عناصر توتر واشتعال جديدة لمنطقة هي مشتعلة أصلا، فقد مورست تحت صهيل الشعارات الطائفية الرثة جرائم يندى لها جبين الإنسانية من دون أن يتحرك العالم وقواه الكاسرة بشكل جدي لتحديد مكامن الخطر الحقيقية ومنبع الإرهاب الأصلي والرائد والمنطلق أساسا من قواعده الإيرانية المعروفة منذ العام 1979 على وجه التحديد!
بعض دول العالم تتصرف كالنعامة وتدفن رأسها في الرمال وتحاول محاربة طواحين الهواء وتبتعد عن تتبع الأهداف الظاهرة رغم وضوحها، وتعتمد الضبابية في إعلان المواقف، وقد جاء الشيخ عبد الله بن زايد بجرأة وشجاعة واقتدار وحدد بشكل محترف وخبير معالم الخطر الحقيقية، فمن دون مواجهة العصابات الطائفية المسلحة الممولة والمدعومة والموجهة إيرانيا لايمكن كسب الحرب ضد الإرهاب، بل سيتعزز الإرهاب وتتوسع قواعده، وماتقوم به المملكة العربية السعودية اليوم بمشاركة أشقائها في الخليج العربي من حرب تطهيرية ضد ضباع الإرهاب الإيراني إنما يمثل السياسة المثلى التي ينبغي السير على نهجها.
عبدالله بن زايد نجح تماما في إصابة الهدف وأطارت تصريحاته أبراج عقول الداعمين لتلكم الجماعات الإرهابية الذين يعيشون تخبطهم وحيرتهم القاتلة اليوم وهم يقفون بمواجهة الحزم والعزم السعودي -الخليجي- العربي المشترك.
وضوح رؤية وهدف ديبلوماسية دولة الإمارات يعبر فعلا عن آمال واعدة ونجاحات مستقبلية باهرة، وعن متغيرات ميدانية فعلية ستلحق الهزيمة بضباع شبيحة إيران وترسلهم مع داعميهم لمكانهم الحقيقي والمناسب لهم وهو مزبلة التاريخ!

نقلا عن “السياسة الكويتية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً