اراء و أفكـار

تردد أوباما

حسان يونس

بعد عامين من إعلان تنظيم «داعش» قيام دولته المزعومة، تبدو الصورة أكثر تشويشا، خاصة وأن هذا التنظيم الإرهابي بدأ ببضعة آلاف من المسلحين، ما لبث أن ضم عشرات الآلاف، وقد تابعنا أن الولايات المتحدة قتلت منذ بدء حملتها حوالي «26» ألف مسلح من هذا التنظيم، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول العدد الحقيقي من جهة، وحول جدوى مكافحته بالطريقة المتبعة حاليا، من جهة أخرى.

تذهب بعض التقديرات إلى أن عدد أفراد التنظيم في العراق وسوريا حوالي «35» ألفا، وهناك من يُقدر العدد بحوالي «50» ألفا، وإذا قبلنا بما أعلنته الولايات المتحدة حول مقتل «26» ألفا من مسلحي هذا التنظيم، فإن معنى ذلك هو قدرة «داعش» على جذب المزيد من المتطوعين، وأن الاستراتيجية الأميركية المتبعة لم تفض سوى إلى الفشل، ومع ذلك فإن واشنطن مازالت ترفض بشدة نشر جنودها على الأرض لاجتثاث هذا التنظيم، فهي لا تعتقد أن هذه الفكرة حكيمة أو مجدية، لكن الأمر ليس على هذا النحو إذ أن إدارة الرئيس أوباما ليس لديها الإرادة أو المهارة الكافية، سواء في المنطقة أو خارجها لحشد تحالف واسع النطاق ضد داعش يستطيع تحقيق بعض الانتصارات الحاسمة، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية إذ أن العمل وفق السياسة السائدة اليوم يعني أن الحرب ضد «داعش» لن تنتهي إلى انتصارات حاسمة أو نهائية.

لقد كان من المفترض أن تمثل الاعتداءات الوحشية التي شهدتها باريس في نوفمبر الماضي لحظة تحول في الحرب ضد داعش، ولكنها مرت دون أن تترك أثراً يذكر في حشد المجتمع الدولي أو القوى الإقليمية لاتخاذ إجراءات متضافرة، وهذا يقودنا إلى أنه لا يوجد تحالف فعال يركز بشكل تام على مشكلة داعش، في أوساط المجتمع الدولي، بسبب التردد الأميركي في المقام الأول، وهو التردد الذي بانت ملامحه أخيرا في مسألة تمدد «داعش» في ليبيا، حيث رفض الرئيس أوباما خطة وضعها الجيش الأميركي للهجوم على معقل داعش هناك، والتي تقوم على تنفيذ المزيد من الغارات الجوية وإرسال قوات النخبة، خاصة إلى مدينة سرت التي سقطت في قبضة داعش منذ فترة طويلة، وتحولت الآن إلى قاعدة محلية للتنظيم الإرهابي.

إنه التاريخ الذي يعيد نفسه مجددا، وكأن ماحدث في «الموصل» العراقية و«الرقة» السورية لم يكن كافيا لاستنباط الدروس والعبر الضرورية.

نقلا عن “الوطن القطرية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً