أخطاء واشنطن
بقلم : حسان يونس
اتسمت سياسة الولايات المتحدة حيال تنظيم «داعش» بالغموض والتردد، حتى أن البعض يذهب بعيدا إلى اتهام واشنطن بأنها أحد صنّاع هذا التنظيم، أو أحد المستفيدين من وجوده.
لايمكن قبول مثل هذا التفسير بشكل جازم، لكن مافعلته الولايات المتحدة لم يكن كافيا على الإطلاق، من هنا كانت التفسيرات المتماهية مع «نظرية المؤامرة»، وفي كل الأحوال فليس هذا بيت القصيد، وإن كان من المهم بمكان ملاحظة أن الموقف الأميركي لم يطرأ عليه الكثير من التطور، أمام اتساع رقعة «داعش» وزيادة أعداد المسلحين فيها.
قامت الاستراتيجية الأميركية في «2014» على «تمكين القوات المحلية من استعادة السيطرة على المناطق التي استولى عليها التنظيم الإرهابي»، ولأن ذلك لم يكن كافيا، فقد أرسلت «450» مستشارا وأنشأت مراكز تدريب عسكري، ثم أوفدت «50» جندياً من القوات الخاصة وأخيراً «200» مقاتل من قوات الكوماندوس. وكانت هذه التحولات خطوات صغيرة لدعم الحرب ضد داعش، ولكنها لا تمثل أي تغيير في الاستراتيجية الأميركية.
إن مارأيناه هو تصعيد تكتيكي رافقه ركود استراتيجي، وفي الحقيقة فإن القصف الجوي وحده كان بمثابة تصرف تكتيكي، أما الاستراتيجي فقد كان يتعين أن يقوم على خطة أبعد تأخذ بعين الاعتبار شن حملة سياسية وعسكرية واجتماعية، وهو مالم يتم، لذلك فإن الشيء المرجح هو ترحيل قضية «داعش» إلى الإدارة الأميركية الجديدة، لأن ماأخفقت به إدارة أوباما خلال أكثر من عامين، لن تتمكن من تحقيقه في سنة «البطة العرجاء»، هذا لو افترضنا أساسا أن لدى هذه الإدارة رغبة حقيقية في التدخل بحزم لإنهاء هذا التنظيم، وهذا بالتحديد ماأطلق العنان للذين يعتقدون بأن واشنطن في صلب مؤامرة تقديم «داعش» إلى المسرح الدولي، لاستنزاف المنطقة وإدخالها في قلب صراع مرير لانهاية له.
قد يكون ذلك صحيحا، وقد لايكون، لكن ماهو مؤكد أن إدارة أوباما ارتكبت الكثير من الأخطاء القاتلة، خاصة بعد تسلم السيد جون كيري وزارة الخارجية، حيث تحول الإخفاق إلى سمة أساسية من سمات السياسة الخارجية الأميركية.
نقلا عن “الوطن القطرية”