الصواريخ الكورية الشمالية
نفّذت كوريا الشمالية وعيدها وأطلقت صاروخاً بعيد المدى يحمل قمراً صناعياً. وقام العالم ولم يقعد بعد ، في إدانته لخروج هذه الدولة عن الإجماع الدولي بشأن ترسانتها النووية ، وبشأن تجاربها الصاروخية التي تهدد التوازن الإقليمي على الأقل. الإدانة والأسف كما في حال الصين هو جوهر ردود الفعل، وما يترتب على ذلك فليس صعباً معرفته. فالإدانة ومن ثم العقوبات لم تردع كوريا الشمالية، وأية خطوة أخرى أبعد من ذلك ستهز الاستقرار الإقليمي الذي قد يقود إلى حرب قد تصبح عالمية.
ويخطئ من يظن أن قضية كوريا الشمالية منفصلة عن المحاور التي أصبحت تتبلور في العالم، وعن قضية التسلح النووي بشكل عام. العالم لم يعد قرية واحدة ، كما كان يبدو منذ سنين قليلة، فهناك الكثير من المشاكل السياسية والأمنية التي تحول دون ذلك. وقد لا يكون مهماً أن يصبح العالم قرية واحدة تحكمها قوانين الأقوياء والأغنياء ، لأن ذلك يعني زيادة الفجوة في الدخل ، كما في الرفاهية بين هاتين المجموعتين. المهم أن تؤدي هذه المحاور إلى حروب كارثية تنهي العالم كما نراه. وهو أمر ليس ممكناً فحسب وإنما أصبح محتملاً بوجود التسابق النووي والصاروخي.
فهذا التسابق قد يقود البعض إلى وهم أن لديه القدرة على التخلص من أعدائه، أو أن البعض الآخر قد يتصوّر أنه مهدد تهديداً مصيرياً ، فيجد في استخدام السلاح النووي مخرجاً له من أزمته. وهذه المشكلة ليست متوقفة عند بعض من الدول التي تملك النووي ووسائل نقله، وإنما موجودة أيضا عند من يسعى نحو هذا التملك لأنه يرى فيه ضمانة لاستمراره.
وقد يقول البعض إن كوريا الشمالية تسعى من خلال تجاربها إلى لفت النظر إلى ضرورة التفاوض معها وإدخالها ضمن السياق العالمي. وإن صح هذا وتم تصحيح الأمر فإن ذلك لن يلغي المشكلة الجوهرية ، وهي أن الأمر ليس مقصوراً على كوريا الشمالية ، بل هناك الكثير من البلدان تجهد من أجل الحصول على السلاح النووي وعلى الصواريخ الناقلة لها.
هذه هي المشكلة التي تحتاج إلى مواجهة من قبل البلدان الكبرى التي تملك السلاح النووي. فسياسة المحاور التي تتبعها هذه القوى قد ينجم عنها اصطدامات لا يمكن ضمان استمرارها محدودة لا في مكانها ولا في نوعها.
وحتى وصول العالم إلى تفاهمات على أسس العيش المشترك بين كل الشعوب في ظل مبادئ وقيم يلتزم بها الجميع، فإن الأولوية ينبغي أن تذهب إلى التخلّص من السلاح النووي الذي تعهدت به الدول النووية الكبرى.
نقلاً عن “الخليج”