اراء و أفكـار

محادثات جنيف السورية بائسة…فاشلة…عجفاء

داود البصري لعله واحد من أغرب الاجتماعات والمحادثات في تاريخ العلاقات الدولية ومؤتمرات حل المشكلات الإقليمية، فالنظام السوري يتفاوض مع ظله! في ظل الحماية البلطجية الروسية التي فرضت أجندتها على الوضع العام، لدرجة أن القاتل يتفاوض مع القتيل، وهو ماض في تقطيع أوصاله أيضا، في معادلة تفاوضية جديدة ليس لها مثيل في عوالم المفاوضات سابقا ولاحقا!، فالنظام السوري يمارس جرائمه اليومية مدعوم بآلة الإرهاب والحرب الروسية ومتسلحا بالعصابات الإيرانية، وخصوصا عصابة حسن «نصر خدا» الإرهابية اللبنانية! ومعه بقية العصابات العراقية والطائفية الأخرى، ويأتي لمحادثات جنيف وهو يتسلح بملف كاذب، وهو ادعاؤه بمحاربة الإرهاب في وقت يحتضن فيه أكبر جماعات الإرهاب الدولي التي تحميه، كما أن النظام السوري بتشكيلته القيادية والإدارية هو أفظع نظام إرهابي ويحتضن الإرهاب الذي عرفته المنطقة! وتاريخه الأسود معروف وموثق ويخجل منه حتى عتاة الإرهاب! من الواضح مليا ان النظام السوري وقد حضر الى جنيف إنما يمارس تدجيلا وخداعا لكسب الوقت مدعوم بآلة الإرهاب العسكري الروسية التي تصب حممها على رؤوس السوريين غير مفرقة بين المسلحين أو المدنيين! فالهدف الروسي المافيوزي كسر إرادة الشعب السوري ومحاولة إعادة تعويم النظام الفاشل المرفوض بالقوة وعبر بلطجة عسكرية ليس لها مثيل في الشرق القديم! وفي أسلوب دفاع عن نظام مجرم لم يتم أبدا في السابق سوى ما فعله الاتحاد السوفياتي الراحل حينما تدخل خلال مرحلة الإستنزاف في الحرب المصرية – الإسرائيلية بعد تدمير منظومة الدفاع الجوي المصري العام 1967فتدخل الروس، وقتذاك، للدفاع عن العمق المصري، والفرق كبير بين الحالتين ستراتيجيا وإنسانيا وتاريخيا، ولايمكن المقارنة بين الموقفين أبدا! مفاوضات أو اجتماعات أو محادثات جنيف يبدو من الوهلة الأولى أنها فاشلة وعديمة الجدوى ولا ترتكز على أجندة ونتائج نهائية واضحة ومعروفة ومقررة سلفا لإنهاء الحالة الشاذة في سورية وإقامة النظام الديمقراطي التعددي البديل ومحاكمة مجرمي الحرب الذين أذاقوا السوريين ويلات التدمير الشامل، لقد عمدوا للمساواة بين الضحية والجلاد وعاملوا النظام الإرهابي المجرم الفاقد للشرعية معاملة النظام السياسي المحترم، وهو النظام الفاقد لأبسط أسس السيادة والموغل في الجريمة، كما عمدوا الى تكثيف الهجمة العسكرية الإرهابية على الشعب السوري و تشديد الحصار الخانق لإبادة أهل المدن السورية الحرة جوعا، ولم يتم تقديم اي بوادر حسن نية لتخفيف حدة العدوان النظامي الإيراني الروسي على السوريين بل إن العكس هو الصحيح تماما، وإنني لأعجب أشد العجب من طبيعة الضمانات المزعومة التي قدمتها الإدارة الأميركية لقوى المعارضة السورية لإقناعها بالحضور لمحادثات جنيف التي ستؤدي لإيقاف الهجمة العسكرية على المدن السورية؟ وإذا كان الاميركان يمتلكون ضمانات فعلية يستطيعون فرضها فلماذا لايوقفون أصلا المجزرة ضد الشعب السوري وفقا لأحكام الفصل السابع من الميثاق الأممي؟ ولماذا لا يصار لاعتبار النظام وحلفائه بمثابة مجرمي حرب؟ ولماذا إلصاق تهم الإرهاب على المحرومين المدافعين المقاتلين وتجاهل إرهاب النظام الموثق والطويل والمرعب والمدعوم رسميا وعلنيا بأكبر آلتي إرهاب دولة روسية و إيرانية ؟ محادثات جنيف فاشلة بشكل ذريع لكونها مجرد وصفة دولية مشبوهة لتلطيف الإرهاب وفرض الباطل و التسويف والمراوغة عن الحقائق، بل أنها محادثات صنعت أصلا لتسويق النظام و محاولة إدماجه من جديد في قلب العملية السياسية من خلال الغموض المتعمد حول مستقبل رأس النظام وطبيعته، فبشار الأسد يتصرف وكأنه باق للأبد! والدعايتان الإيرانية والروسية تصبان في الاتجاه نفسه، ويبدو من تشكيلة الوفد الرسمي السوري الذي يقوده الديبلوماسي الإيراني الأصل، والمندوب في الأمم المتحدة بشار الجعفري بأنه وفد لتضييع الوقت، فهو لا يمتلك أبدا صلاحيات تنفيذية؟، وهو مجرد وفد للتلزيق والنصب والاحتيال وإضاعة الوقت في محادثات جوفاء بينما آلة الحرب والتدمير الروسية تفعل فعلها في الأرض السورية. النظام السوري المجرم وحلفاؤه الإرهابيون لن يرضوا أبدا بأقل من استسلام شعبي سوري شامل لهم، وهم ليس بصدد التفكير برحيل النظام أو تغيير الخط والمسيرة وبناء سورية الجديدة، وعدم قيام محادثات مباشرة وحاسمة بين أطراف الصراع تعني أن ملف محادثات جنيف سيصل في نهاية المطاف لقمة الفشل الستراتيجي عبر التكتيك الفوضوي القائم لمحادثات ليس لها سقف زمني وستطول إلى ما شاء الله في بهرجة دولية فارغة! الوقائع تقول ان لا مستقبل أبدا لبشار ونظامه في تقرير مستقبل سورية، وإن القوة العسكرية الغاشمة الروسية والإيرانية لن تصنع نصرا ولن تكون بديلا لحرف الإرادة الشعبية، كما أن ألعاب السياسة الدولية المنافقة لم تعد تنطلي على أحد، فالشعب السوري بعد خمسة أعوام من الثورة المستمرة، وبعد ملايين الضحايا ليس على استعداد لتوقيع أي صك عبودية لفاشية آن أوان ترحيلها لمزبلة التاريخ. لن تنتكس راية الحرية فوق ربوع سورية الشامخة، وسينهار الحلف الروسي – الصفوي المجرم كأعجاز نخل خاوية، وهذا الميدان يا حميدان!

 

نقلا عن “السياسة الكويتية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً