اراء و أفكـار

ماذا بعد 15 عاماً؟

أيمـن الـحـمـاد

بالأمس تحدث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن العقوبات على بلاده سترفع بمجرد صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول التزام طهران بالاتفاق النووي الذي تم إبرامه مع القوى الكبرى في يوليو العام الماضي، وبغض النظر عن مآلات هذا الاتفاق السياسية والاقتصادية في المدى القريب والبعيد على المنطقة، إلا أن أمراً آخر يجب أن نأخذه في حسبانا تجاه هذا الاتفاق.

ففي عام 2031 سيوضع الاتفاق النووي في أرشيف الأمم المتحدة، لتصبح إيران بعد ذلك حرة في التصرف ببرنامجها النووي، فمعظم القيود التي نصت عليها بنود الاتفاق النووي ستنتهي بعد 15 عاماً، وخلال هذه الفترة ستخصب إيران اليورانيوم بنسبة لا تتعدى 3.67% وهي نسبة آمنة، لكن ماذا بعد خمسة عشر عاماً، وماذا تعني هذه المدة لنا؟

يعوّل الرئيس الأميركي باراك أوباما على هذا الزمن لإحداث تغيير في السلوك الإيراني المؤذي لجيرانه، وفلسفة الرئيس نابعة من يقينه بأن الشعب الإيراني، إذا ما تسنت له فرصة تذوق طعم رفع العقوبات فإن ذلك كفيل بدفع سياسته نحو السلمية، وبالتالي لن يفكر واضعو السياسات في إيران بانتهاج طريق قد يؤدي إلى صنع قنبلة نووية قد تجلب المشاكل للنظام الإيراني ولشعبه الذي لن يرضى العودة إلى حقبة العقوبات بعد أن ذاق طعم رفعها، والحقيقة أن الرئيس الأميركي قد منح النظام الإيراني طوق النجاة للحفاظ على استمرارية هذا النظام، ولنا في كوريا الشمالية مثال لما يمكن أن تحققه الطاقة النووية من حماية للأنظمة المعتلة، وبغض النظر عن تلك الفلسفة، فإنها يجب ألا تعنينا بشيء أبداً، وأن نهتم بصناعة فلسفتنا الخاصة.

إن من الواجب علينا اليوم وليس غداً البدء والإعداد لإطلاق برنامج نووي للأغراض السلمية، يتيح لنا الحصول على المعرفة اللازمة لدورة الوقود النووي، وكذلك بناء مفاعلات نووية لاستخدامها في توليد الكهرباء، وتحلية المياه، لتنويع مصادر الطاقة لدينا، فالمملكة بلد ينمو بشكل مضطرد، والأرقام والاحصائيات تتحدث عن إحراق المملكة يومياً لأكثر من 4 ملايين برميل نفط لإنتاج الكهرباء، وقد تصل إلى 10 ملايين برميل في 2035، وهو ما يعني خسارة لهذه الثروة الطبيعية ومداخيلها التي تقدر بملايين الدولارات في اليوم الواحد.

ثم إن من حق المملكة القيام بتخصيب اليورانيوم بالنسب المسموح بها دولياً، والتي تصل إلى 3.75%، ويدعم الرياض في هذا التوجه سلوكها الإيجابي، وسلميتها تجاه دول المنطقة، وابتعادها عن جميع صفات الدول “المارقة” التي تحظى بهذه التقنية التي يعد الحصول عليها جزءاً من “الهيبة” الدولية، وهذه حقيقة لا يمكن نفيها أو التظاهر بعدمها، فالنادي النووي لطالما كان نادياً لدول النخبة بغض النظر عن أعضائه الذين يوصف بعضهم بالمارقين وداعمي الإرهاب وأعضاء في محور الشر.

إن نظرة عامة وسريعة للبرامج النووية في المنطقة تجعلنا على يقين بقدرة المملكة على البدء في إنشاء مفاعلاتها النووية، والانتهاء منها قبل عام 2031، فالإمارات العربية -التي تنوي تدشين أربعة مفاعلات – أعلنت عن السياسة العامة لتطوير برنامج الطاقة النووية السلمية في 2008، وتم البدء في عمليات الحفر في 2012، والعمل جارٍ لتشغيل المحطة الأولى 2017 على أن يتم تشغيل باقي المحطات تباعاً حتى 2020.

ومصر أيضاً التي تواجه عقبات تتعلق بتلبية احتياج الطاقة أعلنت العام الماضي أنها وقعت اتفاقية مع روسيا لبناء 4 مفاعلات نووية سيتم دخول الأول منها في الخدمة عام 2024.

إن تلك التقارير والأخبار تدفعنا من أجل البدء في تحديد جدول زمني أو خارطة طريق واضحة عن خطة المملكة لبرنامجها النووي السلمي، والذي تشرف عليه بحكم التخصص مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، واضعين عام 2030 تاريخاً لتشغيل المحطة النووية الأولى.

نقلا عن “الرياض”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً