اراء و أفكـار

القتل القانوني

لم يتمكن رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو من ضبط أعصابه والتصرف كمسؤول يحترم نفسه وغيره، أو التزام الحد الأدنى من اللياقة البروتوكولية والدبلوماسية التي تفرضها العلاقات بين مسؤولي الدول، فانهال بالشتائم على وزيرة خارجية السويد مارغو وولستروم لأنها دعت لإجراء «تحقيق دقيق وموثوق» في قتل فلسطينيين من دون محاكمات.
نتنياهو وصف الوزيرة السويدية بأنها «غبية» و«لا أخلاقية» وادعى أن عمليات قتل الفلسطينيين تتم «وفق القانون».. لكنه لم يوضح عن أي قانون يتحدث، وكيف تتم عمليات القتل.. كما لم يتحدث عن قتل الأطفال أو إحراقهم وتعذيبهم ومن يرتكب مثل هذه الجرائم «وفق القانون».
لم يجد نتنياهو ما يدافع به عن الجرائم التي يرتكبها جنود الاحتلال ومستوطنيه سوى كيل الشتائم لأن قليل الحيلة يلجأ عادة إلى الإنكار وتحميل المسؤولية لغيره، وهو يدرك أنه يمارس الكذب والتضليل «لأن فاقد الشيء لا يعطيه» و«الحقيقة لا يحجبها غربال».
أي قانون هذا يتحدث عنه نتنياهو، والقتل يتم على الشبهة، أو على أساس اللون ومن دون إنذار مسبق، أو على أساس القتل العمد، وتعمد دس السكاكين بأيدي الضحايا بعد إطلاق الرصاص عليهم لاتهامهم بمحاولة الطعن، وفق شهود عيان ومنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية وحتى «الإسرائيلية» مثل منظمة «بتسليم»؟
وفق أي قانون تم إحراق أفراد عائلة الدوابشة (الأب والأم والطفل) وهم نيام داخل منزلهم في قرية دوما بالضفة الغربية المحتلة في شهر يوليو/تموز الماضي على يد مستوطنين إرهابيين قاموا بهذه الجريمة الشنعاء وما زالوا طلقاء؟.
ووفق أي قانون تم قتل الطفل محمد أبو خضير يوم 2 يوليو/تموز 2014 من بلدة شعفاط بالقدس المحتلة، حيث قام مستوطنون باختطافه وتعذيبه وإحراقه وهو حي.. وما زال المجرمون أيضاً خارج المحاسبة ؟
«يكاد المريب يقول خذوني».. إذ لم يجد نتنياهو ما يدافع به عن نظامه العنصري العدواني سوى كيل الشتائم لوزيرة خارجية السويد التي هالها ما يتعرض له الفلسطينيون من إرهاب مبرمج وبطش يماثل ممارسات الفاشية والنازية، وطالبت بتحقيق شفاف وموثوق في ظروف مقتل زهاء 200 فلسطيني معظمهم من الأطفال خلال الأشهر القليلة الماضية.
نتنياهو كما كيانه العنصري يخافان من العدالة والحقيقة، لذا لم يتم السماح لكل المحققين الدوليين بدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة للتحقيق بالجرائم التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني وكلها ترتقي إلى «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية».. وكذا الحال بالنسبة لكل من ينتقد ممارسات الكيان، فالتهمة جاهزة بأنه معادٍ للسامية، أما إذا كان يهودياً يرفض عنصرية الصهيونية ويشكك بكل الرواية اليهودية حول «أرض الميعاد»، فيتم التشكيك بيهوديته أو «كاره لنفسه وليهوديته».
لا نستغرب أن يصب نتنياهو حقده على وزيرة خارجية السويد لأنها تطالب بالحقيقة، أو على أي مسؤول آخر يؤيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لأنه يعتبر أي موقف معادٍ للكيان ولسياساته وممارساته هو تشكيك بشرعيته، وهذا يشكل مقتلاً لكل الأباطيل والأضاليل التي قام عليها الكيان.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً