اراء و أفكـار

قتل السوريين جوعاً … أين المجتمع الدولي ؟

جرائم النظام السوري وحلفائه الطائفيين ضد الشعب السوري أضحت من حقائق السياسة الدولية، ومن الوقائع الثابتة التي تتجاهلها قيادات الدول الكواسر التي صمتت صمت القبور عن جرائم النظام السوري التاريخية في الإبادة الجماعية للبشر، سواء من خلال حروب تدمير المدن بكل أسلحة الصمود والتصدي التي طواها الزمن، ومنها بطبيعة الحال البراميل التي جاء طيران الإرهاب المافيوزي الروسي ليضيف للمأساة استعمال القنابل والصواريخ العنقودية بهدف إبادة أكبر عدد ممكن من السوريين، أو من خلال عمليات القتل الشامل في معتقلات مخابرات النظام التي وثقتها الصور والكاميرات وكل الأدلة، دون أن تتحرك شعرة من جسد المجتمع الدولي الذي تجري كل تلك المآسي أمام عيونه. واليوم، ومنذ شهور طويلة مضت، تجري فوق الأرض السورية وبفضائحية دولية مريعة، فظائع إنسانية معيبة في عصر الحريات الكونية، تؤشر على مدى استشراء الترهل والفساد وانعدام المسؤولية على مستوى المنظمات الدولية وحتى الدول الكواسر التي تتباهى بعظمتها وإنجازاتها الحضارية، فأمام عيون العالم المتحضر ومنظماته الدولية تجري وقائع حرب إبادة بشرية منظمة ساحتها في عمق الشرق القديم أرض الحضارات، ومهبط الوحي والرسالات، ومنبع القوانين والأنظمة التي سنت أسس العدالة للبشرية، فالمجازر البشعة التي تعرض ويتعرض لها الشعب السوري قد تجاوزت كل الحسابات القياسية، وحتى الخيالي منها، ودخلت ضمن أرقام مرعبة تشير بجلاء لكارثة إنسانية عظمى، ألمت بذلك البلد العريق بعد خمسة أعوام من الثورة الشعبية التي مورست ضغوط وتدخلات دولية من أجل شيطنتها، وإظهارها بغير واقعها الحقيقي، وكونها انتفاضة للمحرومين الباحثين عن الحرية والعدالة والإنصاف في زمن المبادئ والقيم الإنسانية العليا، التي ينبغي أن تكون هي المنهج الفاعل في قيادة الشعوب . اليوم، وفي ظل أشنع حرب إرهاب كونية ضد شعب من شعوب العالم الثالث، تدور رحى حرب جديدة، لكنها بدائية في توحشها وهمجيتها وعدوانيتها ونتائجها الرثة المتوحشة. إنها حرب التجويع التي تعبر عن آخر مبتكرات وحشية النظام السوري وحلفائه الطائفيين الفاشست من قوى الإرهاب الدولي، التي تمارس بشغف مهمة إبادة الشعوب، فيما تتفرج الديمقراطيات الغربية على المأساة الإنسانية وتكتفي بإصدار البيانات المنافقة التي لا تسمن أو تغني، بل تؤطر المأساة وتجعلها تدور في حلقة مفرغة من المساومات والمفاوضات المؤدية للجحيم المطلق. مأساة ريف دمشق الإنسانية وقرية (مضايا) الجبلية بالذات، التي كانت ذات يوم عامرة بأهلها وتجارتهم، تستصرخ الضمير الإنساني الغائب، وناشد العالم التدخل الفاعل ضد جرائم مباشرة ضد البشرية يقترفها النظام اللاشرعي بالتعاون مع ميليشيات «حزب الله» الإرهابية، التي تهدف لإحداث تغيير ديموغرافي طائفي يضمن أمن ومستقبل النظام وعصاباته، ووفقا لعقلية إرهابية مجرمة متخصصة في الإبادة الممنهجة وممارسة الجريمة بأقصى صورها المرعبة، العالم يتفرج ببلاهة وأصدقاء الشعب السوري تبخروا بالكامل، والأمم المتحدة عاجزة بالمطلق عن التصرف وحماية الإنسان المنتهك والإنسانية المسحوقة، والضحايا البشرية تتساقط يوميا في ظل صمت دولي هو شكل من أشكال المؤامرة التي تصب في مجرى إبادة بشرية كاملة. لقد أباد النظام السوري في معتقلاته الرهيبة عشرات الآلاف من البشر دون أن يرف له جفن أو نرى إصبع اعتراض دولي حقيقي، وهذا النظام بالذات قد أفلت من كل منظومة القوانين الدولية في ظل الحماية المافيوزية المتوافرة له من أساطين المافيا الدولية، ممثلة في روسيا الإرهابية التي أضفت حمايتها الفعلية عليه معيدة للذكرى أساليب وتصرفات القوى الاستعمارية في القرن التاسع عشر. وهي حالة شاذة وغير مسبوقة في العلاقات الدولية. فالحماية المتوافرة لآلة القتل السورية النظامية تحظى للأسف بحماية دولية. وقتل السوريين جوعا لا يتم في معسكرات الإبادة النازية بعيدا عن العيون، بل أمام كاميرات الدنيا وعيون الدول الكبرى المفتوحة، وقوافل الصرعى من الأطفال والشيوخ والنساء تفطر القلوب وتدمي الأفئدة، ولكنها لا تحرك شعرة من جسد النظام الدولي الظالم الذي لا ينتصر للضعيف، وينحني للإرهاب الدولي الذي تمثله خير تمثيل روسيا وحلفاؤها من القتلة البرابرة، والله لو حدثت هذه الفظائع الإنسانية في العصر الجاهلي لتحرك الكون وأنشأ (حلف الفضول)، ولكن المجتمع الدولي في زمن الحرية الكونية تحول لشاهد زور على جريمة إنسانية كبرى لا تجد من يوقفها. فكل شعارات نصرة البشرية تبين أنها مجرد هراء أمام حقيقة البلطجة الدولية. ليتحرك أحرار العالم لإيقاف حرب الإبادة البشرية والتجويع في المدن السورية، كفى عبثا وصمتا وتواطؤ ضد الإنسانية المعذبة. والله أكبر على الظالمين الذين سيدفعون ثمن جرائمهم لا محالة، فالله يمهل ولا يهمل، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
نقلا عن “الكويت”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً