اراء و أفكـار

إيران على خطى كوريا الشمالية

أيمـن الـحـمـاد

في منتصف يونيو الماضي -وقبل شهر من الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى- استقبل الرئيس الإيراني حسن روحاني وزير الخارجية الكوري الشمالي ري سو يانغ، واتفق الجانبان على مواصلة التعاون بينهما.. وكنظامين شبيهين وجدت طهران وبيونغ يانغ نقاط اشتراك كثيرة بينهما؛ فهما يعاديان الغرب، ويثيران جدلاً كبيراً في نطاقهما الإقليمي ويؤذيان جيرانهما باستمرار.

وبين البلدين تاريخ طويل من التعاون النووي والصاروخي المثير للريبة، فالتقارير تتحدث عن زيارات منتظمة يقوم بها تقنيون نوويون كوريون من أجل تزويد نظرائهم الإيرانيين بالاستشارات والإمدادات التقنية اللازمة.. وإن من الجدير ذكره أن إيران قد أقرّت رسمياً بأنها أنتجت غراماً وميكروغرام من “البلوتونيوم” الذي يستخدم في صناعة قنابل نووية عن طريق مفاعلها في آراك للماء الثقيل، ومن المعروف أن كوريا الشمالية تمتلك تقنيات متقدمة تستطيع من خلالها استخدام كميات بسيطة من “البلوتونيوم” تصل إلى 5 كيلوغرامات كحشوة لرأس صاروخي، إذ إن هذه المادة مناسبة جداً للاستخدام في الصواريخ..

هذه الخلفية ضرورية من أجل فهم المقاربة التي نرغب في استيضاحها هنا.. فقد قامت كوريا الشمالية أمس الأول بتجربة لتفجير قنبلتها الهيدروجينية الأولى، وهذا في واقع الأمر تطور خطير على الأمن الدولي والإقليمي، إذ لم تخف الدول الكبرى استياءها من هذه التجربة التي تعطي مثالاً واضحاً عن مآلات الانسياق خلف وعود أنظمة دول تجاهر بعدائها وخطرها على أمن محيطها الإقليمي والدولي، وأن أحد تلك المالآت خروج هذا النظام عن قواعد النظام العالمي، وإخلاله بالتوازن الإقليمي، وتزداد مضاعفات ذلك عندما يكون هذا النظام متخلفاً وديكتاتورياً بشكل جنوني.

إن تكرار هذا النموذج وارد بشكل كبير في نطاقنا الشرق أوسطي، إذ إن إيران لا تختلف كثيراً عن كوريا الشمالية، وإن القوى الكبرى تكرر الخطأ نفسه وتسلك ذات المنهجية في حل الملف النووي، فالولايات المتحدة قامت بعقد اتفاق إطاري مع نظام بيونغ يانغ في 1994، إلا أن الأخيرة نقضت هذا الاتفاق بعد سنوات، ومضت في برنامجها حتى فجّرت قنبلتها النووية.. واليوم لم يعد باستطاعة الدول الكبرى -وعلى رأسها الولايات المتحدة- القيام بأي شيء تجاه دولة نووية، بل إنها وللمفارقة معنية بشكل كبير في حماية نظام “كيم يونغ أون” الاستبدادي بشكل غير مباشر، فاندلاع فوضى أو حدوث خلخلة في هذه الدولة النووية قد يلحق ضرراً حقيقياً بالأمن الدولي، وهذا من شأنه أن يتكرر في حالة طهران التي باتت تقف على بعد ثلاثة أشهر لتخطي ما يسمى “العتبة النووية” التي تعني الوقت اللازم لإنتاج اليورانيوم المستخدم في تصنيع الأسلحة بكمية تكفي لصنع سلاح نووي واحد.

لقد قامت كوريا الشمالية بالكذب عندما وقّعت اتفاق الإطار مع الولايات المتحدة، إذ خصّبت اليورانيوم بشكل سري، وبعد اكتشاف ذلك طردت بيونغ يانغ المفتشين وقامت بتفجير قنبلتها النووية، وإن تكرار هذا السيناريو وارد مع نظام طهران الذي لا يمكن الوثوق به أو التعويل عليه، لاسيما وأنه مستمر في عملياته العدوانية تجاه جيرانه، وستجد الدول الغربية -وعلى رأسها الولايات المتحدة- نفسها تحمي نظاماً ثيوقراطياً يهتف بسقوطها وبالموت لها، وستواجه دول الخليج العربية مصيراً يشابه مصير كوريا الجنوبية التي ستصبح رهينة للحماية الأميركية، فهل من متّعظ؟

نقلاً عن “الرياض”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً