درس جديد من أمريكا اللاتينية
كل يوم تقدم لنا – نحن العرب – دول أمريكا اللاتينية درساً في فلسطين، لتذكرنا بقضيتنا التي نكاد ننساها ونسقطها من الذاكرة ومن الأجندة اليومية لاهتمامنا، بعد أن ظلت لسنوات قضية القضايا ولب الصراع ومحور الاهتمام.
تكاد بعض الدول في العالم أن تنوب عنا في حمل أعباء القضية والدفاع عنها، ومنها دول أمريكا اللاتينية التي صارت عربية أكثر من العرب أنفسهم، فتتخذ من المواقف المشرفة تأييداً لفلسطين ما نعجز عن القيام به ، وبما يتوافق مع مبادئها وقناعاتها في دعم قضايا الحرية والحق والعدالة.
من آخر هذه المواقف قرار دولة البرازيل رفض تعيين داني ديان سفيراً للكيان الصهيوني باعتباره مؤيداً للاستيطان، ورئيساً سابقاً لحركة الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلة. هذا الرفض جاء على قاعدة مناهضة البرازيل للاستيطان اليهودي في الضفة الغربية باعتبارها أرضاً محتلة، ولكل السياسات العنصرية التي يمارسها الكيان ضد الشعب الفلسطيني.
نصفق للبرازيل على قرارها كما صفقنا لها عندما اعترفت العام 2010 بدولة فلسطين، وكما هللنا لفنزويلا وبوليفيا وكوبا ونيكاراغوا وتشيلي والإكوادورالتي انتصرت لفلسطين خلال الاعتداءات الصهيونية على قطاع غزة، وقام بعضها بقطع العلاقات مع الكيان وطرد سفرائه، ووضعه في قائمة «الدول الإرهابية» وارتكاب «جرائم حرب».
صفقنا لهذه الدول بحرارة وحماسة على جرأتها التي تجاوزت كل المواقف العربية، وصار حالنا أشبه ب«الصلعاء التي تتباهى بشعر جارتها أو ابنة عمها»، لأننا وجدنا دعماً لفلسطين وشعبها وحقوقه التاريخية من وراء البحار كان مطلوباً من العرب قبل غيرهم.
دول أمريكا اللاتينية تحدت الهيمنة الأمريكية وتأثير اللوبيات اليهودية التي طالما كانت لها سطوة على القرارات السياسية لهذه الدول، وأعلنت العداء المطلق لسياسة البطش والعدوان والاستيطان «الإسرائيلية» ومارست هذه المواقف بالفعل وليس بالقول، في حين ارتأى معظم العرب الصمت أو الإدانة الخجولة، هرباً من مسؤولية تحمل أعباء مواقف قد يحاسبون عليها، أو لم تعد بالنسبة إليهم ذات أهمية وشأن.
عندما تتخذ دول أمريكا اللاتينية أو غيرها مواقف إيجابية من القضية الفلسطينية نشعر بالخجل لأننا مقصرون بحقها وحق شعبها، خصوصاً الآن حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع أشكال البطش والقهر في مواجهة انتفاضة سقط فيها عشرات الشهداء الذين بقي معظمهم أسرى في قبضة الاحتلال.
يبدو أن العرب قرروا تأجير قضيتهم إلى غيرهم كي يقوموا بالواجب تجاهها، والدفاع عن حقوقهم ومقدساتهم.
من جديد.. شكراً البرازيل.. وشكراً أمريكا اللاتينية.. وشكراً لكل الدول التي تقوم بما نعجز عنه تجاه قضيتنا.
نقلا عن “الخليج “