اراء و أفكـار

«حزب الله» الواقع بين مأزقين

أيمـن الـحـمـاد

وجدت مليشيا “حزب الله” نفسها في موقف حرج للغاية بعد سقوط أحد أبرز قياديها وأكثرهم رمزية لمشروعها المسمى “الممانعة” وهو سمير القنطار؛ كان ذلك في جرمانا في ريف دمشق.. وتنخرط المليشيا اللبنانية المدعومة من إيران في القتال ضد الشعب السوري والمعارضة هناك منذ اندلاع الثورة السورية، إلا أن البارز هنا أن سقوط القنطار إنما جاء – وحسب الرواية المدعومة من “حزب الله” – بضربة إسرائيلية استهدفت مبنى كان يقطنه القنطار وقت الضربة..

وبالعودة إلى الوضع الجاري في سورية فإنه ومنذ التدخل الروسي العسكري الصريح في الأزمة السورية أواخر سبتمبر من العام الحالي، شد بنيامين نتنياهو الرحال إلى موسكو طلباً للتنسيق لهذه العمليات، وكان له ما أراد، إذ إن الطيران الإسرائيلي حتى قبل اندلاع الثورة السورية لا ينفك عن التحليق فوق دمشق أو غيرها من المدن من وقت لآخر، ولعل ضرب مفاعل “كبر” السوري في 2009، واغتيال قيادي “حزب الله” عماد مغنية أحد تلك الاختراقات التي تكشف عن اضطلاع استخباراتي كبير لإسرائيل في سورية.

إنما الجدل القائم اليوم هو كيف قامت المقاتلات أو صواريخ إسرائيل بقصف المبنى الذي تواجد فيه القنطار؟ بالرغم من أن الأجواء السورية خاضعة إلى الروس، إلا إذا كان الروسيون قد أعطوا الإذن لإسرائيل بتوجيه هذه الضربة، التي جاءت بالطبع بناء على معلومات استخباراتية دقيقة، وهذا في واقع الأمر أحرج كثيراً النظام السوري قبل أن يحرج “حزب الله” الذي يفترض أن تكون عملياته الأرضية تتمتع بغطاء جوي روسي.

“حزب الله” الذي لم يجد بُداً من اتهام إسرائيل في هذه العملية بدلاً من أن تسجل للمعارضة السورية، يدرك تماماً أن اتهام إسرائيل يعني تواطؤ روسيا، وهذا مصدر ضيق كبير للحزب، إذ لو أنها ألقت التهمة على المعارضة المسلحة، لاعتبر ذلك نصراً لعدو تحاربه على الأرض ما يضر بصورتها وينعكس سلباً على معنويات عناصرها، لكن مليشيا “حزب الله” رأت أن اتهام إسرائيل قد يضفي على المشهد نوعاً من الصراع المقدس الذي يروج له الحزب، وبالتالي مشروعية أكبر لمقاومته.

هذه العملية تعيدنا بلا شك إلى لقاء بوتين – نتنياهو وما اتفق عليه الجانبان في الكرملين، ويبدو أن الرجلين اللذين لزما الصمت تجاه هذه العملية قد اتفقا على التعاون لا على التنسيق فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً