إما قتيل أو قتيل
مصطفى زين
نستورد الحروب وأدواتها مثلما نستورد أي سلعة. نفضل الأدوات الأميركية على غيرها. أما الروسية ففي الدرجة الرابعة بعد الألمانية والفرنسية والبريطانية. لكل أداة خبراؤها من بلد المنشأ. يرافقونها للتأكد من استخدامها في الاتجاه الصحيح: أن لا تقتل أي رجل أبيض أو إسرائيلي. وهو الشرط الأول والأساس للسماح لنا باستخدامها. وإذا لم نجد في وسطنا من نقتله بها، وغالباً ما نجد، فلتصدأ في مخازنها. هذه المعادلة «العادلة» تؤكد أن مالك السلاح ليس من اشتراه، بل من صنعه وصدره. المسألة في غاية البساطة: إذا وجه سلاحـ»نا» إلى غيرنا يمتنع المصدِر عن تزويدنا قطع الغيار والذخيرة فيصبح بلا قيمة فعلية.
في هذا المعنى تصبح جيوشنا التي تستخدم هذا السلاح «مستوردَة»، لا تعمل إلا بإذن المصدر الذي يستطيع خنقها ساعة يشاء، أو إذا خالفت تعليماته أو هددت مصالحه. وسياسة الحظر الأميركية معروفة في هذا المجال. وحين نعجز عن استكمال المهمة و «نشر الديموقراطية» بقتل الديموقراطيين والمعارضين يجتمع الغرب كله لتنفيذها، فينحاز معظمنا إليه، مستعيناً بآلته الحربية والإعلامية، وبخطابه وأيديولوجيته. وهكذا تنتشر الفوضى بإشرافه، وتصبح «إدارة الأزمة» أكثر ما نطمح. ولإدارتها خبراء عسكريون قد يعتمرون القبعات الزرق، ومدنيون يصوغون دساتيرنا. وتتحول جيوشنا إلى عصابات. أليس هذا ما حصل في العراق وليبيا؟ أليس هذا ما يراد لسورية أن تكونه. أما المنحازون منا إلى هذه السياسة، مكرهين كانوا أو مؤيدين، فليسوا أكثر حظاً. هم تعلموا فنون القتال من أجل «الحرية» لكنهم لم ينجوا بأنفسهم ولم ينقذوا البلاد.
لربما كان الكاتب الكاثوليكي توماس ميرتون أفضل من عبر عن هذه السياسة. نقل ميرتون عن ضابط أميركي خاض الحرب في فيتنام، قوله بعد إحدى المعارك: «كي ننقذ القرية، كان من الضروري تدميرها». وأضاف إن «الآسيوي الذي نحدد مصيره إما خيِّر أو شرير. فإذا كان شريراً يجب أن يقتل بطبيعة الحال. وإذا كان خيِّراً، وإلى جانبنا، وكان مستعداً للموت من أجل الحرية، سنتيح له الفرصة ليفعل ذلك: سنقتله لنحول دون وقوعه تحت (حكم) عدو ديكتاتوري وشيطان».
في معنى آخر، الآسيوي إما قتيل أو قتيل.