اراء و أفكـار

إعلامنا والقدرة على التأثير

أيمـن الـحـمـاد

يطيب لنا أن نتعرض لإعلام يشبع حواسنا التواقة دوماً صوب كل جديد، فنبدو منبهرين أمام حقائق تعرض لنا أو سؤال عريض يطرح؛ يكون عنواناً لحلقة حوارية يتم فيها استضافة متحدث عليم ضليع بمادة الحوار، ومضيف أو مقدم متمكن مثقف في مجال أسئلته يثريان الحلقة فلا تملها وتخرج في نهاية البرنامج متأثراً مزداداً علماً أو مفنداً لمعلومة كنت تعتقد صحتها.

في خضم ذلك المشهد يَحير المشاهد والقارئ في إعلامنا وقدرته على صناعة التأثير كمطلب ملح في عالم يعج بوسائل الإعلام ويبدع في تطويرها وتكييفها لتغدو ملائمة للمتلقي. والتنافس اليوم على أشده واضح نراه رأي العين بين وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، والإعلام الجديد، كل يحاول استغلال مميزات وسيلته لعرض مادته الإعلامية في مهمة الهدف منها استمالة المتلقين والجمهور ولفت انتباههم وإقناعهم بالهدف الذي من ورائه أنشئ هذا الجهاز الإعلامي وهو التأثير، وكلما زادت وسائل الإعلام أصبحت المهمة التأثيرية والإقناعية أكثر صعوبة.

لكن ذلك ليس بالعمل اليسير أو السهل الذي يمكن أن يتصدى له “إعلاميون موظفون”، أكثر من كونهم “إعلاميين مهنيين”، والفرق كبير وشاسع، وبقدر ما أعطي الإعلام لمن أخذه مهنة وحرفة يبدع فيها ويدرك خطورتها وقدرتها على قيادة الرأي العام بقدر ما نكون قد بلغنا الهدف وضمنا النتيجة.

وفي سبيل سعي وسائل الإعلام لتحقيق هدفها، نرى حُمى الاستقطاب للكوادر المهنية التي تصنع المحتوى وتقدمه للجمهور تبلغ حداً يوحي بأهمية الأمر، فصناعة الإعلام على مستوى العالم صناعة مكلفة، وقد أدركت إحدى وسائل الإعلام الخليجية ذلك منذ وقت مبكر فاستقطبت كادرها من وسيلة إعلامية ذات تأثير واسع في الوطن العربي وأعطته الدفة ليخدم أجندة الدولة ويسوق لمشروعها السياسي والاقتصادي، وقد كان ذلك.

إن الحس الإعلامي الذي هو معيار المهنية بين إعلامي وآخر، والقدرة على التفريق بين التشويق والإثارة، واستيعاب اللحظة التي يعيشها الوطن، والقدرة على تسويق المنجز الوطني باحترافية بعيداً عن الابتذال الذي لا يستسيغه أبناء هذا الجيل ولا يرضيه اليوم أي منتج ولا يشبع رغبته أي برنامج أمام سيل من القنوات والمواد الإعلامية.

نحتاج لإعلام مواكب لمشروعنا الوطني يعي ويدرك حجم التحديات التي تواجه بلادنا، ويعرف كيف يتعامل مع أحداث نعيشها أو نتعرض لها، والمتأمل لاهتمام وسائل الإعلام الأجنبية – التي قابلت إحداها مؤخراً وكانت من كوريا الجنوبية وقدمت خصيصاً من سيئول لتغطية الانتخابات البلدية – يدرك حجم المتابعة للأخبار المتدفقة من جهتنا بوصفنا دولة نامية مواجهة لتحديات المنطقة السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية، وتربطنا علاقات واسعة مع دول عدة، وسعي البعض من جهات إعلامية للنيل من منجزنا، ووضع العراقيل أمام مشروعنا، ومحاولة تضخيم مشاكلنا، كل ذلك يتطلب دراية ومهنية لمواجهته وإلا ذهب عملنا أدراج الرياح.

إن التأثير صناعة وفن لا يجيده الكثير، وإن التساؤل عنه في إعلامنا اليوم سيصطدم بواقع فقير وإجابة مُرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً