اراء و أفكـار

من يحاكم من؟

عثمان النمر
كانت الثورة الشعبية الشبابية في اليمن أصيلة ومخلصة لأهدافها، فقد استمرت سلمية حتى أطاحت نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، الذي لم يدخر أي وسيلة من وسائل العنف لقمع معارضيه، لكن إيمانهم بقضيتهم العادلة كان أقوى من إرهاب جلاوزته الذين اغتالوا قادة سياسيين، وقتلوا المتظاهرين السلميين، وأحرقوا بالنار الخيام في ساحات الاعتصام، واستهدفوا بالصواريخ المخيمات ومنازل المعارضين.

وكانت المبادرة الخليجية للتسوية السياسية في اليمن متسامحة مع صالح فوفرت له الخروج الآمن، وحصنته وعائلته وأتباعه وأشياعه من الملاحقة القانونية، بل كانت متساهلة معه ولم تفرض عليه العزل السياسي وتركته رئيساً على حزب المؤتمر الشعبي العام.
استغل صالح الحزب منصة لعرقلة الاستحقاقات المترتبة على المبادرة الخليجية، ووضع العصي في دولاب حكومة الفترة الانتقالية، والتآمر على التسوية السياسية الجارية، والانقلاب عليها بالتحالف مع المتمردين الحوثيين، رغم أن الطرفين كانا جزءاً من التسوية السياسية ويقران بالشرعية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي.
اليوم يدعو الانقلابيون والمتمردون إلى إنشاء المحاكم ونصب المشانق لمحاكمة الرئيس هادي والحكومة الشرعية «تطبيقاً لعدالة السماء والتشريعات السماوية»، و«الاقتصاص لدماء الأبرياء» حسب التعابير الواردة على لسان المدعين الادعياء، الذين يتهمون هادي وحكومة الشرعية بالمس بالوطن وارتكاب جرائم إبادة جماعية وإضعاف القوات المسلحة وتدمير البنى التحتية وإدخال العصابات المسلحة والإرهابية إلى البلد لتدميره.
صالح والحوثيون لا يملكون أية شرعية لمحاكمة هادي وحكومته، بل العكس فالشرعية هي التي تملك كل الحق في جلب الانقلابيين والمتمردين إلى العدالة ومحاكمتهم بالشريعة السماوية نفسها والاتهامات التي يسوقونها. تحالف المتمردين والانقلابيين هو الفئة الباغية التي خرجت على الإجماع الوطني اليمني، وحكم الفئة الباغية في الشريعة السماوية التي يدعي الأدعياء الاحتكام إليها هو قتالها إذا لم ترعو وتقبل بالصلح. وقديماً قيل من سل سيف البغي قتل به.
وصالح هو الذي دنس شرف الجندية وأهان القوات المسلحة اليمنية باستخدام الموالين له فيها ظهيراً للحوثيين، وتسهيل احتلالهم المعسكرات والقواعد العسكرية للجيش والاستيلاء على الأسلحة والذخائر والآليات العسكرية للعدوان على الشعب اليمني.
وصالح والحوثيون هم الذين ارتضوا أن يكونوا في خدمة الأجندة الإيرانية والانقلاب على المصالح العليا للشعب اليمني. وهم الذين ارتكبوا المجازر وقصفوا المدنيين والمستشفيات وفرضوا الجوع والعطش على المدنيين المحاصرين في عدن وتعز، ولم يستطيعوا أن يوفروا مستلزمات الحياة اليومية للسكان في المحافظات.
قائمة الجرائم التي ارتكبها حلف الحوثي – صالح طويلة، ووثقتها المنظمات المحلية والدولية، وهي كلها جرائم حرب وضد الإنسانية تلزم تقديم مرتكبيها إلى المحكمة الجنائية الدولية، هذا إذا لم يقدم الحلف إلى المحاكم اليمنية بتهمة الخيانة العظمى.. خيانة الوطن والشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً