اراء و أفكـار

إسرائيل وأميركا تجريان «المناورة الكبرى»: سيناريوهات «متطرفة».. و«مفاجآت» روسية

حلمي موسى

في أعقاب تطوّرات الوضع في سوريا خصوصاً لجهة تكثيف التواجد الجوي والبحري الروسي ونشر بطاريات دفاع جوي متطورة، قرَّرت إسرائيل والولايات المتحدة إجراء أكبر مناورة للدفاع الجوي في تاريخ العلاقات بين الجانبين.
وقال مصدر عسكري إسرائيلي إنَّه في وقت يكثّف «الأعداء» من تسليحهم، فإنَّ الدفاعات الإسرائيلية تتعاظم تبعاً لذلك.
ومن جهة أخرى، أشارت مصادر عسكرية إسرائيلية إلى أنَّ الجيش الإسرائيلي يأخذ في الحسبان احتمال اضطراره لمواجهة مفاجآت أخرى من جانب الروس في المنطقة.
وأشار موقع «والا» الإخباري إلى أنَّه على خلفية المواجهات والقتال الدائر في أرجاء مختلفة من الشرق الأوسط عموماً، وفي سوريا خصوصاً، يجري الدفاع الجوي الإسرائيلي في الربع الأول من العام 2016 مناورة «جونيفر كوبرا»، التي تعتبر أكبر مناورات الدفاع الجوي مع الجيش الأميركي.
وبحسب الموقع، فإنَّ الأميركيين راجعوا مؤخراً ما يجري في سوريا، على خلفية غارات الجيش الروسي وأسلحة جوّ بلدان أخرى ـ مثل تركيا وفرنسا ـ وقرّروا مع ذلك، إجراء المناورة بهدف إظهار الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ولهذا الغرض، سيصل إلى إسرائيل حوالي ألف جندي أميركي من أجل المشاركة في المناورة، إلى جانب منظومات دفاع جوّي.
وأشار الموقع إلى أنَّ الجيش الإسرائيلي امتدح القرار الأميركي بإجراء المناورة برغم الوضع القائم في المنطقة، معتبراً أنه «لا مثيل في العالم لمثل مناورة بهذا الحجم للولايات المتحدة مع أيّ جيش آخر. وهذه هي أكبر مناورة يجريها الأميركيون مع جيش أجنبي».
وفي المناورة التي ستشارك فيها كل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي، من المقرَّر أن تشارك، للمرة الأولى، كتيبة مسؤولة عن تشغيل منظومة «عصا الساحر» التي تتبلور، بعدما بدأ عشرات الجنود مؤخراً في تلقّي التأهيل لهذه المنظومة، بل جرى تعيين قائد لكتيبتها الأولى. وليس مؤكداً بعد إن كان الجيش الإسرائيلي سيكون قد أدخل حتى ذلك الوقت المنظومة إلى الخدمة الفعليّة، لكنّها في كل حال ستؤخذ في الحسبان خلال المناورة، من أجل فحص الأخطار المختلفة. وأشار الموقع الإسرائيلي إلى أنّه لم يتم بعد اختيار اسم لكتيبة تشغيل «عصا الساحر»، لكن القرار حول الاسم سيتخذ قريباً.
وأوضح الموقع الإخباري الإسرائيلي أنَّ هدف المناورة هو التعامل مع سيناريوهات متطرفة. وجزئياً، سيتمّ تحريك منظومات من مكان إلى آخر لفحص مرونة نقلها، كما سيتمّ مع بعضها الآخر التعامل مع صليات صاروخية تحمل رؤوساً حربيّة كبيرة مع عدة اتجاهات في وقت واحد. وفضلاً عن ذلك، سيتمّ في المناورة اختبار قدرات مواجهة إطلاقات صاروخية وصواريخ طوّرتها «حماس» وإيران، وصواريخ أخرى وصلت إلى الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. وستعمل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي والأميركي متعاونة، بهدف زيادة قدرة اكتشاف واعتراض الصواريخ. أمّا رادار «إكس» التابع للجيش الأميركي والموجود منذ سنوات في النقب، فسيشارك في المناورة لتحذير المنظومات المختلفة ضمن مدايات لم يتمّ اختبارها من قبل.
وسيتمّ في المناورة أيضاً، اختبار أساليب تشغيل جديدة ونظريات قتال جديدة لمواجهة مختلف المخاطر. وبحسب مصدر عسكري، فإنّه فيما يطوّر العدو من تسليح نفسه بالصواريخ، فإنَّ منظومات الدفاع الجوي في الجيش الإسرائيلي عاظمت من قدراتها. ووفقاً للمسؤولين الإسرائيليين، فإنَّ منظومة القبة الحديدية تجيد حالياً حماية مساحة أوسع من تلك التي كانت قادرة على حمايتها قبل خمس سنوات، وهذا يتناسب مع تزايد المخاطر.
ونقل الموقع الإسرائيلي عن مصدر عسكري كبير قوله إنَّه «في مستقبل المعارك ستكون ثنائية العمل، كثيرة المهام، مرنة وتعرف كيف تبحر في مواجهة مخاطر من كل أنواع الطائرات والصواريخ الجوالة وسواها. وسيكون لمنظومة عصا الساحر دور مركزي في المعركة، لأنَّ لديها تفوّقاً على باقي المنظومات الأخرى مقارنة بالأهداف التي تصل إلى المنطقة. والجميل أنّنا ندفع المنظومات التي نستوعبها لأن تغدو أفضل».
وفي هذه الأثناء، فإنَّ الخطة – متعددة السنوات – التي أقرّها الجيش الإسرائيلي تحت اسم «جدعون»، ترمي إلى التعامل بشكل متزامن مع نسبة عالية جداً من التحديات من أنواع مختلفة. ويفترض أن تُحدث، خلال السنوات الخمس المقبلة، تغييراً كبيراً في الجيش، وتعدّه لمواجهة احتمال نشوب مواجهة كبيرة، وليس فقط لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية المتوقعة.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن ضابط كبير شرح الخطة بالقول إنَّ أحداثاً كثيرة في الأشهر الأخيرة، فاجأت إسرائيل. وقال: «لم نحلم أبداً أن نصحو لنرى منظومات إس 400 الروسيّة المتطورة تنتشر في سوريا إثر إسقاط طائرة حربية على أيدي الأتراك. كما لم نفكّر أبداً أنّ صواريخ جوالة ستطير في أجواء سوريا».
واعتبر الضابط الإسرائيلي أنَّ الظروف في المنطقة تغيّرت، وبات على الجيش الإسرائيلي تكييف نفسه معها والاستعداد لتطّورات غير متوقعة أخرى، وأن يأخذ في الحسبان أيضاً التغييرات الكبرى في المجتمع الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً