اراء و أفكـار

درجتان مئويتان لإنقاذ الكوكب

فيصل عابدون
الكرة الأرضية مهددة بالانتحار ،والعالم يواجه كارثة وشيكة. وإذا فشل قادة الدول الصناعية والنامية المجتمعين في باريس في التوصل إلى اتفاق بتقليص انبعاثات الغازات السامة ،والحفاظ على درجة حرارة الأرض في حدود درجتين مئويتين أو أقل، فإن الكارثة ستصبح أمراً واقعاً لا مفر منه.

إن قضية الاحتباس الحراري لم تعد من نوع قصص الخيال العلمي أو الاحتمالات البعيدة الحدوث مثلما كانت الحال في العقود الماضية. فالفيضانات المدمرة وغير المعتادة في أجزاء من الكرة الأرضية ،وموجات الجفاف والقحط في أجزاء أخرى وتآكل الأراضي في المدن الساحلية بسبب زيادة مياه البحر، أصبحت أموراً ظاهرة ومتواترة وتؤثر في حياة مئات الآلاف من البشر.
وتقول الدراسات إن عواقب الاحتباس الحراري تشمل أيضاً ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر وغرق الجزر المنخفضة والمدن الساحلية وانتشار الأمراض المعدية وانقراض العديد من الكائنات الحية وكوارث زراعية ،تشمل فقدان بعض المحاصيل المعروفة.
صحيح أن العلماء اختلفوا حول أسباب حدوث الكارثة الماحقة ،حيث أكد بعضهم أنها ترتبط ببداية الثورة الصناعية في حوالي العام 1750، مع التوسع الهائل في استخدام الوقود الأحفوري وإزالة الغابات والغطاء النباتي وبدء الارتفاع التدريجي لتركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو.
بينما قال آخرون إنها من السنن الكونية الراتبة وغير المرتبطة بنشاطات إنسانية ،وإن هناك دورات لارتفاع وانخفاض درجة حرارة سطح الأرض، وأن مناخ الأرض يشهد طبيعياً فترات ساخنة وفترات أخرى باردة، مثلما حدث في العصر الجليدي الأول.
لكن الجهد العالمي يستبعد الفرضية الأخيرة ،ويعمل على أساس أن الإنسان وأنشطته الصناعية وغيرها هي المسبب الأساس بارتفاع درجة الأرض وفوضى المناخ.
ويبحث المسؤولون والخبراء المشاركون في محادثات باريس مقترحات حلول معقدة ومثيرة للجدل لهذه الأزمة ،وتشمل بشكل خاص وضع قيود على الدول الأكثر إنتاجاً للغازات السامة (الولايات المتحدة والصين)، بهدف خفض انبعاثات غازات الدفيئة على المدى الطويل. كما تشمل تمويل سياسات التكيف مع التغيرات المناخية لدول الجنوب الفقيرة.
ويهدف المؤتمر الذي شهد أكبر مشاركة من قادة الدول والحكومات ،وتستمر أعماله حتى 11 من ديسمبر/كانون الأول، إلى إعداد أول اتفاق عالمي تلتزم بموجبه الأسرة الدولية بتقليص انبعاثات الغازات السامة ذات مفعول الدفيئة ؛ لاحتواء حرارة الأرض وحدها بدرجتين مئويتين ،قياسا إلى الحقبة التي سبقت الثورة الصناعية.

لكن المهمة تبدو صعبة، فالاتفاق المقترح ينطوي على التخلي عن مصادر الوقود التقليدية، وهو أمر لا يبدو ممكناً على المدى القريب. كما أنه يفرض قيوداً على المصانع التي تسند اقتصادات الدول الكبرى.

وقالت تقارير إن التعهدات التي أعلنتها 183 دولة من أصل الدول ال 195 الممثلة في المؤتمر ،ما زالت تضع العالم على مسار يشير إلى ارتفاع حرارة الكوكب بثلاث درجات مئوية.
وعلى الرغم من ذلك ،فقد أبدى زعماء العالم تفاؤلاً حتى بعد أن حذرهم الرئيس الفرنسي من مغبة التسبب بإغراق سفينة الإنسانية في البحر.

نقلا عن الخليج الاماراتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً