إذلال جنرالات الحرس الثوري في الحرب السورية
داود البصري
في سورية اليوم تدور رحى معركة ساخنة وتدميرية على مستوى كوني مصغر! يمارس فيها النظام الإيراني دورا مركزيا فاعلا عبر مؤسسة الحرس الثوري الإرهابية التي تورطت مباشرة في إدارة حرب تدميرية قذرة ضد الشعب السوري تحت يافطات مزيفة ذات أبعاد طائفية لا تعبر عن الحقيقة أبدا، قيادات الحرس الثوري تتعرض اليوم لمجزرة حقيقية زادت وتيرتها بعد الغزو الروسي الإرهابي للأجواء السورية.
ولم يكن التصريح الأخير الذي أطلقه الجنرال الإيراني، مستشار الولي الفقيه للشؤون العسكرية، يحيى رحيم صفوي حول مصيرية حرب الجيوش الإيرانية في الشام مجرد تعليق بسيط على واقع ميداني باتت الآلة العسكرية الإيرانية تعتمده في إدامة حربها العدوانية المباشرة ضد الشعب السوري، بل أنه ستراتيجية واضحة المعالم والأركان تحدد طبيعة التحرك الإيراني وترسم ظلاله ومنعطفاته على خارطة الشرق القديم.
التورط الإيراني العسكري في الحرب السورية قد تجاوز كل المحظورات وأضحى جزءا رئيسا وفاعلا من ملف إدارة المعركة الإيرانية في الشرق، وهي معركة حاسمة وكبرى لا تتوقف نتائجها وتداعياتها عند الحدود السورية فقط بل أنها معركة دموية ـ اقتصادية استنزافية حاسمة تتعلق بمصير مستقبل النظام التبشيري الإيراني الذي وصل لأقصى مجالاته الحيوية بعد أن طالت خطوط مواصلاته وتوسعت كثيرا وامتدت من كابول وحتى بيروت مرورا بعاصمتي الخلافة بغداد ودمشق، وهو توسع غير مسبوق في التاريخ الإيراني الحديث منذ عهد الأكاسرة قبل خمسة عشر قرنا من الزمان ويزيد.
الإيرانيون اليوم يعيشون واقعا استنزافيا رهيبا لطاقاتهم العسكرية المتراكمة ولصفوة قياداتهم الميدانية من مستشاري الجيش والحرس الثوري الذين يقودون المعارك الميدانية و يقدمون الاستشارات ضد الثوار السوريين مدعومين بغطاء جوي روسي كثيف ركز على قصف الأهداف المدنية بهدف نفسي محوره كسر إرادة الثوار وإشاعة الرعب وبث الصدمة في نفوس المعارضين، ولكن نتائج ذلك الفعل الجوي الإرهابي الروسي قد ارتدت وبالا على المهاجمين على الأرض، إذ شهدت قوات النظام السوري هزائم ستراتيجية غير مسبوقة وخسرت سيطرتها على أراضي كانت بحوزتها قبل العدوان الروسي وتمت إبادة فصائل كاملة من جيش النظام! وبالتزامن مع سقوط العشرات من قيادات الحرس الثوري «الاستشارية» في معارك الشمال السوري، وهي خسائر كانت مفاجئة ومرعبة لأركان النظام الإيراني لكونها تشكل هزيمة غير مسبوقة، ولا متوقعة لمؤسسة الحرس الثوري التي تحرص على الظهور بمظهر القوة التي لا تقهر التي تحاول جاهدة فتح فروع إقليمية تابعة لها في العراق وسورية من دون جدوى ولا مردود حقيقي، فقد أنتجت معارك الحرب السورية حقيقة هشاشة الوضع الميداني لقوات النخبة في الحرس الثوري بعد سقوط كبار جنرالاتها الذين لم يبق منهم أحد من الأسماء الشهيرة سوى قاسم سليماني بعد مصرع أركان قيادته، لذلك كان تصريح الجنرال صفوي عن صعوبة ومصيرية الحرب السورية! وحيث حاول التبرير لحجم الخسائر المهولة بالقول من أن إسقاط نظام بشار يعني التوجه المباشر لاستهداف النظام الإيراني، وهذا تحليل سقيم مجاف للحقيقة تماما ولا يراعي مصالح ودماء وتضحيات الشعب السوري!، فتكليف الجيش والحرس الثوري الإيراني بالدفاع عن نظام طاغ لفظه شعبه وإنتفض للخلاص منه تدخل فظ وهمجي في الشؤون الداخلية للشعب السوري، كما أن توجيه عمليات «فيلق القدس» الحرسي بعيدا عن القدس وباتجاه حلب الشمالية، ليس مجرد إخلال بالبوصلة والتوازن، بل أنه هدف عدواني مرفوض من جميع السوريين لتصبح مقاومة الاحتلال الإيراني هدفا شرعيا ومركزيا لأحرار الشام الذين في المحصلة لا يعنيهم المشروع الإيراني وتمدداته بقدر ما يعنيهم مستقبل بلدهم.
القيادات العسكرية الإيرانية المهزومة تحاول تبرير خيبتها وانتكاستها بالنيل من مواقف دول المنطقة وبالتعدي على خيارات السوريين الوطنية الحرة ومحاولة السطو على أحلامهم و مشاريعهم التحررية.
الحقائق الميدانية المستخلصة من تجربة الحرب العراقية ـ الإيرانية التي يبدو أن قيادات الحرس الثوري، ومرجعياتها السياسية، قد تناستها تقول بشكل واضح من أن كؤوس سم الهزائم المتوالية ستضطر قيادات الحرس الثوري لتجرعها في حربها الإرهابية المعلنة على الشعب السوري، ومن أن خسائرهم البشرية والاقتصادية ستزداد وتتعاظم أن لم يحملوا عصاهم ويرحلوا بعيدا عن سورية ويكفوا تماما عن التدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة تحريف الحتمية التاريخية ذات الصلة بانهيار الطغاة والطغيان.
الوضع السوري اليوم قد وصل لنهايات واضحة لا تقبل أنصاف الحلول، ونهاية نظام الجريمة والإرهاب السوري وشيكة وحتمية رغم الحقن والمساعدات الدولية الروسية أو الإيرانية، فالمكر السيء في نهاية المطاف لا يحيق إلا بأهله، ومن طرق أبواب السوريين الأحرار وأمعن في إيذائهم فعليه سماع الجواب و تحمل نتائج أعماله الفظة.. لاصوت يعلو على صوت أحرار الشام، ولا يلوم أي طرف معتد على خيارات الشعب السوري إلا نفسه.