التفاهم حول سوريا يريح الوضع اللبناني
أدّى التدخّل العسكري الروسي في سوريا إلى تشنّج في الداخل اللبناني على خلفية أنّ «حزب الله» والعونيين يعولون على نهاية تناسب مصلحتهم في الملف الرئاسي. لكن الوضع اللبناني مفتوح على احتمالين إذا ما أخذ معيار الوضع السوري في الاعتبار.
الأول، تهدئة واستمرار الاستقرار إذا أدّت التحرّكات الدولية الروسية إلى بداية حل متوازن في سوريا على أساس مخرج لا غالب ولا مغلوب ما يريح الوضع اللبناني. الثاني، اما إذا لم تؤدِ المحاولات إلى حل ما يُرضي كافة الأطراف، فسيحصل تصعيد قد يؤدي إلى توتّر أكثر في الداخل اللبناني، وهذا ما تخشاه مصادر ديبلوماسية.
والتدخّل الروسي في سوريا جاء على خلفية سياسية في العلاقة الدولية مع روسيا، وبدأت في أوائل العام 2000 منذ المسألة اليوغوسلافية حيث اعتبرت روسيا أنّ هناك محاولة غربية لإضعاف الامبراطورية الروسية ولضرب روسيا. ثم جاء الموضوع الليبي، تلاه موضوع اوكرانيا، ثم اعتبرت روسيا ان انتشار الاخوان المسلمين في كل من مصر وليبيا وسوريا وتركيا هو من أجل ضربها، لأنّه يمّهد للوصول إلى جمهورياتها. انه بحسب الروس، مشروع غربي يجب مواجهته، لكن بعدما تراجع هذا المشروع في مصر وسقط عبر سقوط الرئيس السابق محمد مرسي وعودة العسكر، وانتخاب الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، وتراجعه في ليبيا أيضاً مع وجود حفتر، تراجع الانزعاج الروسي، فانخرطت موسكو في حل سلمي لسوريا عبر مسار جنيف، ومبدأ حكومة انتقالية. مع أنّ إيران تقول انه عبر الانتخابات يتحدّد مصير النظام ورئيسه وتؤيدها موسكو، ويجب إتاحة الفرصة للشعب لكي يقول كلمته. فتمت الموافقة على نظرية الحل السياسي ومبادئ جنيف، ما جعل الروس يتدخلون، أمران: اعتراض النظام وتمسكه بعدم الفرض من الخارج وضرورة اجراء انتخابات بعد المرحلة الانتقالية ثم بدء المعارضة في مسار الربح من ادلب مروراً بتدمر، عندها اعتبر الروس ان الوضع لا يترك فتدخلوا لضرب الارهاب ومنع سقوط الدولة، ولعدم مجيء نظام متطرف يحل محل النظام الحالي.
الروس وفقاً للمصادر، يدركون تماماً ان الوضع السوري لا يحل بالطريقة العسكرية، لذا قبل العملية العسكرية التقى الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي باراك اوباما على مدى 90 دقيقة في نيويورك. العملية الروسية حظيت بحد أدنى من التفاهم السياسي مع واشنطن والخليج، حول هدفها إضعاف الإرهاب، واستعادة عظام النظام، على ان يليها حل سياسي انتقالي عبر تفاوض أميركي خليجي روسي ايراني بحيث لا يكون هناك منتصر ومغلوب. إذا نجح هذا الحل تتبدل الحالة، وإذا لم ينجح بفعل قول بعض الاطراف بالانتخابات ما يخلق اشكالاً لأن البعض يتمسك بقرار الشعب. الخطر على سوريا وجوارها أيضاً، ان لا يكون هناك تفاهم جدّي على مستقبلها بعد أن ينتهي الجميع من الارهاب. فيصبح الانتقال صعباً. النقاش بين الدول مستمر لانه لم يفض إلى نتيجة من خلال اجتماعات فيينا. إذا تعثر الحل ستزيد الدول الداعمة للمعارضة من عمليات تسليحها، وهناك خشية ان ينعكس ذلك على الوضع اللبناني، لأن المظلة الدولية التي تحمي لبنان وتحيده وتجعله مستقراً امنياً، وسياسياً إلى حد ما، ليست حديدية وأبدية. لذا فإن التفاهم الأميركي الروسي السعودي، سيؤثر على لبنان. حتى الروس وفي حال ربحوا يتحدثون، بحسب المصادر، عن توافق في لبنان وان لا يكون هناك لا غالب ولا مغلوب. من هنا إذا فشل التفاهم، ولم يعد الدور الروسي مقبولاً غربياً، فهناك خوف من مواجهات اقليمية تهدد معها الاستقرار اللبناني بتوتر كبير. لكن اي تفاهم على الموضوع السوري سياسياً يريح الوضع اللبناني، ولو كان في حدود دنيا، وهناك تعويل على دور روسيا في هذا المجال.
العالم محكوم بالتفاهم، وإذا توقفت الامور عند حد الضربات مع عدم الاتفاق، سيحصل توتر. يجب ضرب الارهاب ومن بعده يكون هناك حل سياسي. المرحلة الأصعب هي مرحلة الحل السياسي، وحتى الآن لن يقبل النظام بالحل الانتقالي. والمعارضة لن تقبل الفرض، وان تقرير الانتخابات مسؤولية الحكم. القوى الدولية والاقليمية متفقة على المبادئ العامة. إنما يجب بلورة خطوط التفاهم السياسي الذي سيلي العملية العسكرية. الولايات المتحدة توافق على ان لا حل سياسياً يؤدي الى استلام «داعش»، وهي تقبل بفكرة كسر المتطرفين، وان يقف جيش النظام على رجليه شرط وجود حل سياسي. والحل يحتاج الى عمل ديبلوماسي كبير بسبب تضارب المواقف و»عقدة الأسد»، والحل السياسي أساسه جنيف، وصعوباته ان يقبل الأسد بانتقال سياسي.
انه جدل خاطئ، وفق المصادر، إذا كانت روسيا تضرب «داعش» أم لا، انها تضرب كل مجموعة تهدّد النظام، لأنه يهمها ان يقف على رجليه تمكيناً للحل السياسي. ولاحظت المصادر ان القصف الجوي لن يتوقف اثناء البحث في الحل السياسي لسوريا. حتى الآن الدول تريد أن يبقى لبنان محيداً عن الازمة السورية والأفرقاء في الداخل يعملون على هذا الأساس.