اراء و أفكـار

الحضور الإيراني (النشاز) للقاء فيينا

الثورة السورية اليوم تقف على أعتاب مرحلة حرجة وحاسمة، بعد ما يقارب الأعوام الخمسة من انطلاقتها التي حفلت بصفحات هي الأشد مأساوية في تاريخ الشرق المعاصر.
فالثورة حينما انطلقت بأصابع أطفال درعا المقطوعة، وبحناجر الشباب السوري الذي صبر على عقود طويلة من الاستبداد والذل والامتهان لنظام طائفي ارهابي مجرم، كانت تنشد البحث عن مستقبل سوري أفضل يتجاوز عذاب السنين، وتوارث السلطة الجمهورية الحزبية البعثية التي تحولت لاقطاعية عائلية محضة تمارس النهب والاستغلال وتضييع هوية البلد لصالح مشروع طائفي خبيث وأجندات من خارج الحدود السورية، منذ أن عزز حافظ الأسد حلفه الستراتيجي مع النظام الايراني ليس بهدف حرب العدو الصهيوني، فذلك أمر مستحيل، ولم يكن في الحسبان، بل من أجل بناء وتعزيز نموذج طائفي تخريبي ابتزازي لدول المنطقة وشعوبها، حينما ثار الشعب السوري تحرك بسلمية ورفع شعار اسقاط النظام كارادة شعبية منبثقة من مصالح الجماهير التي هشمتها فئة طفيلية حاكمة تمتلك السلطة والمقدرات والمصير وترفع شعاراً فاشياً إرهابياً مرفوضاً من الشعوب الحرة وهو( الأسد للأبد! أو الأسد أو نحرق البلد) وجميعها شعارات لمرحلة وحقب نازية انتهى زمنها، وأضحت عالة على الشعوب الحرة المناضلة من أجل مستقبلها وصيرورتها المستقبلية.
لقد دخل الايرانيون على الخط منذ الساعات الأولى لثورة 15 مارس 2011، وحاولوا شيطنة الثورة السورية من خلال الخبرة المتراكمة لحرس الثورة في مواجهة انتفاضات الشعوب الايرانية وآخرها انتفاضة ربيع طهران والثورة البنفسجية العام 2009، والتي قمعها نظام الملالي بوحشية مفرطة، وأسلوب فاشي معبر عن الهوية الحقيقية لنظام أدمن الارهاب بحق شعبه، ولعل مجازر النظام الايراني وسياسة المشانق ضد المنتفضين العرب في الأحواز المحتلة دليل ميداني على عمق اجرامية النظام، وهو الحليف الوثيق لأقذر نظام ارهابي مخابراتي، كالنظام السوري الذي تضم زنازين مخابراته الرهيبة آلاف المعذبين والضحايا.
لقد مارس النظام الايراني حربا عدوانية سافرة ضد الشعب السوري، وهي حرب قذرة لاعلاقة لها أبدا بالشعارات واليافطات الدينية والمذهبية التي يرفعها النظام عن المظلومية والمظلومين، وكان واضحا منذ البداية مساندته اللوجستية والمالية والعسكرية للنظام، بل ساهم معه استخباريا في محاولات تحويل الثورة عن مسارها وربطها بالارهاب من خلال السيناريوهات المخابراتية التي أدت لاحقا لحملات قمع سلطوية مميتة ولاستحضار عصابات الارهاب وتشويه قيم وأهداف الثورة الشعبية التي عصفت بالنظام، واليوم فان التدخل الايراني لم يعد مجرد مساندة لوجستية من بعيد، بل تحول لاحتلال فاشي عدواني يمارس الارهاب من خلال استحضار العصابات الطائفية من شتى بقاع الأرض وتسليطها على السوريين كعصابات حسن زميره وعصابات العراق الطائفية، وحتى المرتزقة من أفغانستان في لواء ( فاطميون ) وكذلك من باكستان ومن كل مكان. ولعل خسائر الحرس الثوري والباسيج الكبيرة والكثيرة والمتلاحقة في المدن السورية والتي وصلت لحدود مرعبة دليل على حجم التورط الايراني وتحول النظام الايراني ليكون خصما لدودا وعدوا مباشرا للشعب السوري، وتطلعاته الحرة، وهو بالتالي يستحق أن يكون وسيطاً ولا شريكاً ولا مساهماً في أي بحث لتسوية مستقبلية، لكونه في خانة النظام ومن نفس طينته، ويتحمل أوزار جرائمه بشكل مباشر، ولن يفلت من ملاحقة الشعب السوري القانونية ضده في المحافل الدولية، بعد رحيل بشار، وقد أضحى لافتا حضور ممثل النظام الايراني لاجتماعات فيينا بشأن مستقبل النظام، رغم أن نائب وزير الخارجية الايرانية أمير حسين عبد اللهيان كان قد حدد موقف ايران من مصير ابعاد بشار بكون بشار خطاً أحمر. وهو تصريح وقح يعبر عن رثاثة فجة وعدوانية مرفوضة، فالنظام الايراني جزء رئيس وفاعل من المشكلة، ولا يمكن بالتالي أن يكون جزءاً من أي حل، لكون سقوط نظام بشار يعني في الحصيلة العامة نهاية حقيقية لمشاريع النظام الايراني العدوانية والاستفزازية والابتزازية في الشرق بأسره. كما يعني تبخر وتلاشي حلف نوروز الطائفي. ويعني أيضا نهاية امبراطورية الضاحية الجنوبية وسلطنة العصابات العراقية سورية مقبلة على متغيرات هائلة ستحيل بشار وحلفاءه فعلا وقولا لمزبلة التاريخ كأي طفيليات عدوانية تافهة أضحت مجرد نكتة في التاريخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً