اراء و أفكـار

أفغانستان.. بلاد الجحيم

بعد استيلاء حركة «طالبان» وخلال ساعات على مدينة قندوز في الشمال الأفغاني، أصيب أشرف غاني رئيس الجمهورية بإحباط شديد. إذ إن سقوط المدينة وافق الذكرى السنوية الأولى لاعتلائه منصبه. وبرغم أن القوات الحكومية عادت إليها بعد أيام، إلا أن ذلك عُدّ انتصاراً إعلامياً ومادياً لحركة «طالبان»، وأعاد طرح الأسئلة المحرجة حول سقوط مدينة كبيرة كقندوز، التي يبلغ عدد سكانها ثلاثمئة ألف نسمة.

لقد كانت المدينة خاضعة خلال الأشهر الماضية لحصار مقنّع. وقد سارعت حركة «طالبان» إلى شن الهجوم قبل حلول فصل الشتاء، حيث يجمّد البرد القارص والثلوج، كل نشاط عسكري. كما أن القائد الجديد للحركة الملا أختر منصور كان بحاجة إلى تحقيق انتصار عسكري لتشديد قبضته عليها. وقد وُجّه اللوم للحكومة التي لم تحصن المدينة ولا قامت بعمليات استباقية. واعتُبر كل ذلك فشلاً مدوّياً للجيش وللمخابرات.

يبدو أن نجاحات حركة «طالبان» العسكرية ستقوّي حجج قادة القوات الأميركية هناك، والتي تطالب بإبقاء أعدادٍ كبيرة من العسكريين في البلد. ويقول المدربون الأميركيون إن مستوى القوات الأفغانية قد تحسّن بعدما أوكل إليها الإشراف على الأمن إثر انسحاب قوات «الناتو». لكن الجيش الحكومي لا يزال بحاجة إلى الغطاء الجوّي والأسلحة الجديدة والمساعدة الطبية. واعتماداً على إحصائيات البنتاغون، فقد قتل 4700 جندي أفغاني وجُرح 7600 خلال الأشهر السبعة من هذه السنة، ما يعني ارتفاعاً كبيراً لعدد الضحايا.

يقول الإعلام الغربي إن ما يحدث في أفغانستان هو نتيجة قواعد الاشتباك التي وضعتها إدارة باراك أوباما، حيث تشكّل القوات الأميركية العمود الفقري لقوات حلف «الناتو» الباقية في البلد، وهي تتلخّص بتقديم المشورة والتدريب. وليس للجنرال جون كامبل صلاحيات لاستخدام السلاح الجوي إلا في حالات محددة، منها وقوع جنود التحالف الغربي في خطر شديد. ويقول الضباط الأفغان إن الجنرال كامبل يحاول إقناع أوباما بتأجيل الانسحاب التام للقوات الأميركية المحدد بنهاية العام 2016 الذي يوافق تاريخ خروج أوباما من البيت الأبيض. ونتساءل عن حالة أميركا في ذلك اليوم إذا استمر التراجع المستمر في مكانتها الدولية، وحتى في اقتصادها. ويمكن هنا تشبيه أوباما بغورباتشوف الذي تسلّم الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي بحالة جيدة العام 1985 وتركه حطاماً العام 1991.

وبسبب انعدام الأمن وانسداد آفاق المستقبل، يهاجر الأفغان بأعداد كبيرة من البلاد. وهم يشكلون اليوم العدد الأكبر من اللاجئين، بعد السوريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً