ارشيف

عن تفعيل المقاطعة العربية

افتتاحية صحيفة الخليج
ربما شعرت الدول العربية بالحياء والخجل إزاء تعاظم واتساع المقاطعة الدولية للكيان الصهيوني، فقررت تفعيل المقاطعة العربية والتمثل بمئات المؤسسات والجمعيات والجامعات والنقابات العمالية والأكاديمية في عشرات الدول على مستوى العالم التي قطعت علاقاتها مع الكيان وفرضت حظراً على المنتجات «الإسرائيلية» التي مصدرها المستوطنات في الأراضي المحتلة.
كانت حملة المقاطعة العالمية تلاقي تأييداً واسعاً فيما كانت الدول العربية المعنية مباشرة بالقضية الفلسطينية تدير ظهرها أوتتعامى عن ممارسات «إسرائيل» العنصرية واعتداءاتها المتواصلة على الشعب الفلسطيني وحقوقه ومقدساته، ولا تتخذ أي خطوة في مسار الصراع معها.
كانت المقاطعة العربية التي بدأت العام 1951 إحدى وسائل الصراع مع «إسرائيل»، ونجحت إلى حد بعيد في محاصرتها وتقييد حركتها وعزلها وتكبيدها خسائر مادية جسيمة، وقد بدأ زخم المقاطعة يخفت مع توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد وخروجها من حلبة الصراع، ثم ازداد ضعف المقاطعة بعد مؤتمر مدريد العام 1990 من جراء ضغوط أمريكية مباشرة بزعم أن رفع المقاطعة أوتخفيفها يشجع «إسرائيل» على تقديم تنازلات أو يسهل عملية التفاوض.
ورغم أن المفاوضات فشلت ورفضت «إسرائيل» مبدأ «الأرض مقابل السلام» إلا أن العرب لم يعودوا إلى المقاطعة، وكأنهم كانوا على أحرِّ من الجمر لرفعها والتخلص من تبعاتها وفتح أسواقهم أمام الشركات والمؤسسات اليهودية التي تدعم «إسرائيل» أو تلك التي تتعامل معها.
كان «مكتب مقاطعة إسرائيل» المعني مباشرة بتطبيق أحكام المقاطعة يجتمع مرتين في السنة لمراجعة قراراته والوقوف على الشركات التي تنفذها، فأصبح منذ مؤتمر مدريد يجتمع في المناسبات لرفع العتب وفي غياب عدد من الدول العربية التي باتت ترى أن المقاطعة بمثابة لزوم ما لا يلزم أو أنها «موضة قديمة».
لكن مع تصاعد الممارسات العدوانية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني، واتساع عمليات الاستيطان والتهويد بدأ العالم يدرك أكثر فأكثر حقيقة هذا الكيان، وأن ممارساته تماثل تلك التي كان يقوم بها النظام العنصري في جنوب إفريقيا، الذي انطلقت حملة عالمية لمقاطعته اقتصادياً وسياسياً وأكاديمياً، بدأت تتسع وتشكل ضغطاً حقيقياً على الكيان الذي أخذ ينظر إلى المقاطعة بخوف ويرى أنها تستهدف محاصرته وتعرية شرعيته، خصوصاً بعدما أخذت البرلمانات الأوروبية تؤيد تباعاً إقامة دولة فلسطينية.
يبدو أن الدول العربية أصيبت بالحرج أمام زخم المقاطعة الدولية للكيان فقررت اللحاق بالركب وتفعيل المقاطعة من جديد، وكان الاجتماع الأخير الذي عقد يوم 18 الحالي في مقر جامعة الدول العربية لمكتب المقاطعة حيث درس تعديل المبادئ العامة للمقاطعة، كما درس عدداً من المذكرات المتعلقة بالبواخر والناقلات التي تنتهك مبادئ المقاطعة، على أن يتم رفع التوصيات إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب في سبتمبر/أيلول المقبل.
يقول المثل «أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي أبداً».. لعل العرب أدركوا خطأهم وقرروا العودة إلى المقاطعة، باعتبارها إحدى وسائل رفض ممارسات «إسرائيل».. وهو سلاح غير مكلف ومعترف به دولياً، ويحق للعرب اللجوء إليه…
ألا تمارسه الولايات المتحدة ضد كل دول العالم التي تناهض سياساتها حتى من دون وجه حق؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً