اراء و أفكـار

«الحل النهائي» لمشكلة المهاجرين… إلقوا بهم في البحر!

القدس العربي
ثمة بوادر على اعتماد مقاربة جديدة لمواجهة مشكلة المهاجرين غير النظاميين، تتلخص في التعامل معهم قبل ان يصلوا إلى الحدود، حتى إذا أدى ذلك إلى مقتل المئات او الآلاف منهم في عرض البحر.
فقد قال وزير الهجرة الاسترالي بيتر دوتون امس الاول الخميس إن استراليا ردت أكثر من 600 من طالبي اللجوء كانوا يحاولون الوصول إلى شواطئها على متن 20 قاربا في حوادث منفصلة منذ تطبيق إجراءات مثيرة للجدل لحماية الحدود في نهاية عام 2013. وتعهدت استراليا بمنع طالبي اللجوء من الوصول إلى شواطئها برد قواربهم على أعقابها إلى اندونيسيا، وترسل الذين لا تستطيع ردهم إلى معسكرات في بابوا غينيا الجديدة وناورو في جنوب المحيط الهادي لاحتجازهم لفترات طويلة. وانتقدت الأمم المتحدة وجماعات حقوق الانسان استراليا بسبب هذه السياسة الصارمة التي قام رئيس الوزراء المحافظ توني أبوت بتشديدها ودافع عنها بوصفها ضروروة.
وفي أوروبا يتزايد الدعم لسياسة مشابهة للقيام بعمليات عسكرية واسعة في البحر المتوسط تمنع وصول قوارب المهاجرين من شواطئ اوروربا، بزعم ان وجود اجراءات صارمة كهذه سيجعل نحو نصف المليون مهاجر على شواطئ افريقيا الشمالية يفكرون مرتين قبل ان يلقوا بأنفسهم في البحر باتجاه اوروبا.
إلا ان ثمة جدال قانوني مازال دائرا حول مدى شرعية سياسة كهذه في ضوء ما قد تسفر عنه من مآس، خاصة من جهة انتهاكها للاتفاقيات الدولية ذات الشأن، باعتبار ان كثيرا من أولئك المهاجرين فروا بحيواتهم من صراعات مسلحة، ويحق لهم قانونا طلب اللجوء.
وحسب تقارير بريطانية فإن خطة التدخل العسكري الاوروبية ستشمل غارات جوية وعمليات بحرية وربما نشر قوات برية في ليبيا للقضاء على شبكات التهريب، وانه تجري مباحثات مع دول في شمال افريقيا لدعم هذه الخطة.
ويدرك من يعيشون في اوروبا حدوث تغييرات واضحة خلال الشهور الاخيرة في السياسة تجاه قضية المهاجرين تعتبرهم تهديدا جديا للامن، وليس مجرد انهاك للميزانيات المرهقة اصلا بالمساعدات الاجتماعية والخدمات الصحية.
ومثال ذلك القانون الذي تستعد حكومة المحافظين البريطانية لإصداره، ويقضي بعقوبة تصل إلى السجن خمسة اعوام، لأصحاب البيوت الذين يوفرون غرفا للايجار للمهاجرين غير الشرعيين. وفي الوقت نفسه تنشط ادارة الترحيلات في وزارة الداخلية لابعاد طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم بالقوة من البلاد.
وفي غضون ذلك تتفاقم مأساة نحو ثلاثة آلاف مهاجر قي مدينة كاليه في شمال فرنسا بينما يحاولون العبور إلى بريطانيا عبر القطارات او الشاحنات ما ادى مقتل عدد منهم مؤخرا.
وانتقدت مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة امس الجمعة كلا من فرنسا واليونان لضعف تحركهما في التعامل مع موجات الهجرة.
وقال مسؤول مفوضية اللاجئين في اوروبا فنسان كوشتيل: «ان وضع اللاجئين والمهاجرين الذين يصلون بأعداد كبيرة إلى الجزر اليونانية قادمين من تركيا معيب للغاية وعلى الحكومة اليونانية التحرك بشكل عاجل».
وتقدر المفوضية العليا للاجئين ان هذا العام شهد وصول نحو 124 ألف لاجئ ومهاجر من تركيا إلى اليونان. لكن الحكومة اليونانية ردت بسرعة مؤكدة ان التعامل مع هذه الازمة يفوق قدراتها.
وفي دليل جديد على ان الأوضاع تزداد مأساوية، أعلنت منظمة الهجرة الدولية الثلاثاء الماضي ان عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم منذ بداية العام اثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط إلى اوروبا تخطى عتبة الفي قتيل، متجاوزا عدد الضحايا المسجلين خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ووسط هذه الفوضى والاتهامات المتبادلة، والاستمرار في سقوط الضحايا في كوارث الغرق امام اعين عالم لا يكترث، يبدو ان ثمة من يصر على المضي قدما في سياسة «الحل النهائي» ضد المهاجين بالقضاء عليهم قبل ان يصلوا إلى «شواطئ الجنة الاوروبية». فهل يسمح «المجتمع الانساني المتحضر» بتصفية جماعية كهذه في عرض البحر، لايمكن إلا ان تبعث ذكريات مأساوية في تاريخه الحديث؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً