اراء و أفكـار

الانهيار الحتمي الإيراني

داود البصري
من يضحك أخيرا يضحك كثيرا! بهذه العبارة الموجزة يمكن قراءة مشهد الإنهيار الإيراني الحتمي في الشرق القديم, فمظاهر القوة الميليشياوية والطائفية الإيرانية المتواجدة في عدد من الساحات العربية التي تمكنت منها السطوة الإيرانية كالعراق والشام ولبنان وحتى اليمن, وبعضا من البؤر في المنطقة, لاتعبر عن مصدر قوة ونشوة إيرانية مفرطة كما يوحي المشهد الموقت بذلك, بل إنها في حقيقتها تعبير عن حمولة ثقيلة باتت إيران تأن من وطأتها في ظل ظروف إقتصادية وسياسية وإجتماعية غير مريحة بالمرة, ويترافق ذلك مع حالة شاملة من الإستنزاف الإقتصادي والبشري والمعنوي وحتى الإعلامي, فمئات الجثث المحروقة أوالرؤوس المقطوعة لعناصر وقيادات الحرس الثوري الإيراني في معارك الشرق باتت توسع مساحات المقابر الإيرانية وتعيد للأذهان وبمأسوية وشراسة ذكريات سنوات الحرب الطويلة الموحشة الكئيبة مع العراق.
تلك الحرب التي استغلها النظام, عقائديا ومعنويا وسياسيا, وصفى من تحت ردائها وخلف هدير طبولها ومدافعها خصومه السياسيين المباشرين كجماعة “مجاهدي خلق” أو الجماعات اليسارية والشيوعية والتقدمية الأخرى كحزب “تودة” الشيوعي مثلا الذي طار مع رياح وعواصف تلكم الحرب.
اليوم إنقلبت الأوضاع بسبب التورط الإيراني المباشر في حروب الشرق, وفي إخماد الثورات العربية, وفي تخريب السلم الأهلي كما حصل ويحصل في الساحتين العراقية والسورية, فالإصرار الإيراني على إدامة أوراق التشابك الطائفي العراقي من خلال دعم الجماعات المرتبطة بها تاريخيا وإعادة بعض الوجوه الإرهابية القديمة التي عملت طويلا ومبكرا في المشروع التخريبي الإيراني في المنطقة, مثل نائب قائد الحشد الشيعي العراقي الحالي الإرهابي الدولي بومهدي المهندس, لايحقق الأهداف الإيرانية المطلوبة بل يؤدي إلى نتائج عكسية على المستويين, الإقليمي والدولي لأنه يفضح وعلى الملأ الطبيعة التبشيرية والإنقلابية للنظام الإيراني التي لم تتغير وخططه لتصدير الثورة ودعم الإنقلابات ومساندة جماعات التخريب كما تجلت الصورة بشكل واضح في اليمن المدمر وكما يحاول أهل المشروع الإيراني الطائفي المريض وهم يصطدمون بجدار الصمود الوطني الرائع لمملكة البحرين الذي أذهل كل مخططات ثعابين قيادات الحرس الثوري وأذلها, لقد إستوعبت مملكة البحرين الهجوم الإيراني الشرس وأمتصته وتحولت اليوم من الدفاع للهجوم عبر سياسة تجفيف منابع الإرهاب الإيراني العقائدي من خلال عمليات قطع الإرتباط التنظيمي بواسطة عمليات إسقاط الجنسية وسحبها عن خونة الوطن وناكري الجميل, وهي سياسة أثبتت نجاعتها والبحرين لاتحتاج إلى نفاق المنظمات الدولية التي تكيل بمكيالين ولا تراعي دقة وحراجة المواقف الأمنية والسياسية أو الخطر الوجودي المحيط بأنظمة المنطقة, النظام الإيراني سيواجه بعد إنهيار النظام السوري الحقيقة العارية المرة بعد أن يقطع إرتباطه الجغرافي المباشر بعصابة المرتزقة من “حزب الله” اللبناني الذي سيعزل مثل فايروس معد, كما أن المشروع الإيراني في العراق رغم قوته الظاهرية فإنه خاو وفاشل من الداخل بسبب الصراعات البنيوية الحادة والمتناقضة بين أبناء المشروع الطائفي الواحد بسبب التنافس على الزعامة والثروة والسلطة وهو ما سيعجل بإنهيار المشروع الطائفي العراقي بشكل حتمي بعد إفلاس الطبقة السياسية السائدة حاليا والتي فشلت في مواجهة الوقائع والمستجدات الوطنية الملحة.
لقد تمدد المشروع الإيراني أكثر بكثير من قدرته على التحمل أو إدارة الأوضاع بسبب محدودية الطاقة الإيرانية المعتمدة على البهرجة والمبالغة الإعلامية أكثر من إعتمادها على عناصر قوة حقيقية.
إيران تنزف بغزارة اليوم وبشكل مرعب يؤذن بنهاية اللعبة والمغامرة الإيرانية في الشرق وصولا للانكماش التام المؤذن بالرحيل ومغادرة المسرح… كل إرهاصات الانهيار الإيراني باتت واضحة ومتجلية في ظل عالم وواقع إقليمي متغير وبطريقة دراماتيكية, وسيكون الانهيار الإيراني صاعقاً ومفاجئاً يعيد تشكيل الصورة الإقليمية من جديد… فترقبوا وعلى الطبيعة الانهيار الإيراني المقبل القريب, وقديما قيل في الأمثال الشعبية “اللي يعيش في الحيلة… يموت في الفقر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً