اراء و أفكـار

صالح القلاب: السويداء صامدة و «داعش» لن يدخلها

صالح القلاب

لم يصل «داعشيٌّ» واحد إلى السويداء رغم كل تسهيلات وترتيبات نظام بشار الأسد, الذي يبدو أنه أصبح في الرمق الأخير, ورغم أنَّ هذا النظام قد قام في إطار هذه التسهيلات والترتيبات بتجريد أهل هذه المدنية, وكلهم من بني معروف «الموحدين», من أسلحتهم بحجة رفضهم للالتحاق بالخدمة العسكرية والقتال ضد المعارضة التي حققت إنجازات فعلية في الأسابيع الأخيرة .
ولعل ما يبدو أنه أصبح مؤكد ومعروف إلَّا للمستمرين بالإصرار على «تغطية» عين الشمس بغربال هو أن هذا النظام الذي أصبح شعاره: «من بعدي الطوفان» و «عليَّ وعلى أعدائي» كان ولا يزال يسعى ويرتب لمذبحة في جبل العرب في «السويداء» على وجه التحديد ليعزز «كذبة» أن الأقليات في سوريا مستهدفة وأنه هو حامي حمى هذه الأقليات التي من بينها الأقلية الدرزية .
إن ما يريده هذا النظام, وقد أصبح يشعر أن نهايته باتت عملياً وفعلياً قريبة, هو استيعاب كل الأقليات الدينية والقومية السورية في إطار الـ «كانتون» الطائفي الذي يسعى ومعه إيران وبالطبع حزب الله وربما إسرائيل أيضاً إلى إقامته على أشلاء دولة سوريا الواحدة الموحدة وهو إظهار «السنة» السوريين على أنهم «داعش» وعلى أن دولتهم التي لا يسعى إليها إلَا هو ومعه حلفاؤه الإيرانيون لن تكون إلَّا دولة «داعشية» إرهابية وهذا هو ما يحصل الآن في العراق مع العرب السنة .
لكن هذا بالتأكيد لن يحصل ولن يكون فالمعارضة السورية المعتدلة وكل المعارضة السورية معتدلة باستثناء «داعش», الذي ثبت أنه صناعة هذا النظام بمساعدة إيرانية, لن تفرط بوحدة سوريا ووحدة الشعب السوري حتى لو بقيت تقاتل لعشرين سنة أخرى ثم وإن من يسميها بشار الأسد «الأقليات» وبخاصة الدروز الموحدون لا يمكن أن تُسلِّم أعناق أبنائها له مرة أخرى والمفترض أن هذا هو موقف الإسماعيليين والمسيحيين وموقف الكرد الذين لا زالوا يتذكرون مشروع طلب هلال سيء الصيت والسمعة .
إنه مؤكد أن أهل السويداء وجبل العرب, مثلهم مثل «دروز» لبنان, يتذكرون الآن أنَّ مخابرات حافظ الأسد هي التي فجرت رأس الزعيم الدرزي واللبناني والعربي كمال جنبلاط في 16 آذار (مارس) عام 1977 وأنها هي التي غيبت ابن التسعين عاماً شبلي العيسمي باختطافه من لبنان في بدايات انطلاق الثورة السورية وإن الزعيم منصور الأطرش ابن سلطان باشا الأطرش بقي مطارداً ومطلوباً لنظام حافظ الأسد الذي باعتباره رئيس المحكمة العسكرية كان قد أصدر حكماً على سليم حاطوم العائد إلى وطنه من الأردن بعد كارثة يونيو (حزيران) 1967 في الساعة الثانية بعد منتصف الليل .
إنَّ السويداء ستبقى عصية على «داعش» وأنها بالتأكيد ستفشل مؤامرة نظام بشار الأسد لافتعال مشكلة بين بني معروف الموحدين وجيرانهم أهل درعا وحوران وهنا فإنه لا بد من التأكيد على أن وليد جنبلاط قد أثبت أنه سليل هذه العائلة القيادية الكريمة وأنه يسير على خطأ والده كمال جنبلاط فدعوته لدروز سوريا ودروز لبنان إلى إفشال المؤامرة التي تستهدفهم وتسعى لتحويلهم إلى وقود لحماية هذا النظام من المصير الذي بات محسوماً تدل على أنه رجل دولة من الطراز الرفيع وتدل على أنه يملأ موقعه القيادي بالفعل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً