اراء و أفكـار

الحرس الثوري الإيراني يسحق في العراق والشام

داود البصري
وسط نيران المعارك المحتدمة في الشرق , وفي خضم حالات التشابك بين الأجندات والمشاريع الإقليمية حول مستقبل وطبيعة الأنظمة السياسية المستقبلية في المنطقة , بدأ النظام الإيراني المتورط في مصائب وملفات الفتنة الطائفية في الشرق يدفع إستحقاقات ذلك التورط وبأثمان غالية جدا هي دماء قياداته النوعية من مستشاري الحرس الثوري الذين خاضوا صفحات الحرب الطويلة ضد العراق بين عامي 1980 -1988, والذين لهم خبراتهم في المجال العسكري , فقد سقط العشرات من كبار ضباط حرس ثورة نظام الملالي في الساحتين العراقية والسورية حتى تحول النزيف الحرسي ظاهرة خطرة باتت تهدد أسس وقواعد النظام الذي يعيش حرب إستنزاف حقيقية مهلكة لقدراته وإمكاناته المحدودة أصلا, وبما إنعكس على الوضع الإقتصادي الداخلي الإيراني وأشر على تراكمات أزمة إجتماعية وسياسية بنيوية قد تعصف بالسلام الأهلي الهش أساسا لذلك النظام.
لاريب أن سقوط ضباط الحرس على تخوم تكريت والرمادي والفلوجة ودمشق الشام وإدلب وبصرى الحرير ودرعا وحوران وكل قطعة أرض دنستها أقدام ذلك الحرس في الشرق العربي هي بمثابة إستحقاق إيراني واجب الدفع لحماية تخوم النظام الذي يتحدث طويلا عن تمدده وتوسعه الستراتيجي ضمن إطار الخط الممتد بين كابول وبيروت, مرورا ببغداد ودمشق, قبل أن ينعطف إنعطافته الحادة صوب الجنوب العربي في اليمن بعد أن فشل مخربوه وعملاؤه ودعاته في إختراق أمن مملكة البحرين العربية الحرة التي ظلت شوكة في عيون نظام الحقد تدميه وتجرحه وتقض مضاجعه كل يوم.
النظام الإيراني وهو يدفع بقوات النخبة الخاصة الشديدة الولاء للنظام لم يتعود أبدا إرسال جنوده للخارج, بل كان معتمدا على الجيوش والميليشيات الطائفية التي يشكلها من أهل المناطق المجاورة, ففي الحالة العراقية الرثة مثلا إعتمد نظام طهران على خزين ستراتيجي من الوكلاء والعملاء من أهل الأحزاب الطائفية الإيرانية الرؤية والولاء والعقيدة والمنهج والتوجه كحزب “الدعوة” الإرهابي مثلا, أوتنظيم آل الحكيم الإيراني أصلا (المجلس الأعلى) أوبقية فروع عصابات الحرس الثوري التي يقودها اليوم الإرهابيان هادي العامري قائد عصابة “بدر” الإرهابية العميلة, أوالإرهابي الدولي أبو مهدي المهندس الذي يصول ويجول اليوم في العراق ويمارس مهمات وزير الدفاع الفعلي رغم أنه محكوم غيابيا بالإعدام في الكويت, ومطلوب لسلطاتها, وكذلك السلطات الأميركية, خصوصا إن سلسلة جرائمه لايمكن أن تسقط بالتقادم لكونها موجهة ضد الجنس البشري, ومع ذلك فهو يصول ويجول بحرية في العمق العراقي, وتحت التغطية الجوية الأميركية, وأمام عيون المخابرات المركزية و”الموساد” وبقية الجماعة المعروفين أوالغامضين!
ظاهرة تمدد الحرس الثوري واتساع مساحات وحجم خسائره لابد أن تتبعها بكل تأكيد مرحلة الاستنزاف القاتل المؤدي للانحلال والضعف والتراجع, وما يفرزه ذلك الوضع المحرج من تداعيات, لقد اعتمد النظام الإيراني على نظام الحشد الشعبي الكفائي في العراق لكن ذلك الحشد وجله إيراني الطابع والولاء يواجه اليوم تحديات استنزافية حقيقية في ظل اتساع حجم خسائره ووصوله إلى مرحلة الإرهاق التام وعجزه عن حسم المعارك ميدانيا في ظل التخوف من الوجود الأميركي وصراع الأجندات القاتل, مما يضطر الحرس الثوري الإيراني للتدخل المباشر , أما في الحالة السورية فإن إفلاس النظام السوري وإنهيار معنوياته وتلاشي قدراته العسكرية وهروب جنوده وضباطه بات يفرض على الإيرانيين توسيع قاعدة تدخلهم الملتزم حماية النظام لكونه عمقهم الستراتيجي وسقوطه الوشيك يعني سقوط تجربة التبشير الإيرانية بالكامل وانحسار النظام لحدوده مما يصيبه في مقتل.
لابد والحالة تلك أن تتعمق جراح المؤسسة العسكرية الإيرانية , وأن يسقط الكثير من عناصرها صرعى, خصوصا إن الثورة السورية قد دخلت حاليا في منعطف الحسم الشامل ,فالنظام يحتضر بوضوح رغم المقويات الإيرانية التي ماعادت قادرة على تنشيط الأعضاء الميتة لنظام دمشق المتهاوي.
هزيمة الإيرانيين في دمشق وبعدها بغداد ستكون تاريخية وكارثية بكل أبعادها مما سيطرح ألف علامة استفهام حول سيناريوهات المستقبل القريب ومفاجآت المرحلة المقبلة التي ستبهر العالم, وماعلى نظام طهران سوى تقديم المزيد من الخسائر حتى يوم الهزيمة النهائية وقد لاحت بشائرها بوضوح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً