اراء و أفكـار

العالم لن يكون آمنا بهزيمة داعش

عصام فاهم العامري
قد يُثير هذا الاستنتاج الرعب والسخرية في آن واحد، ولكنه (أي الاستنتاج) ليس من عندي، إنما هذا ما طرحه فريق للأمم المتحدة في تقرير صدر الأسبوع الفائت، ويقول التقرير بالنص: “إن الهزيمة العسكرية لداعش في الجمهورية العربية السورية وفي العراق – وهي هزيمة ليست مستحيلة في المدى المتوسط- يمكن أن يكون لها عواقب غير مقصودة في بعثرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب للعنف في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من تعقيد الرد على (تلك الهزيمة)”. وأضاف: “إن التهديد الاستراتيجي سيكون أكبر في عام 2015 والسنوات المقبلة”.
وقدر الفريق الذي يترأسه الكسندر إيفانز أن هناك حاليا أكثر من 25 ألفا مما يسمى بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب من 100 دولة ينشطون في النزاعات من الصومال إلى سوريا. الغالبية العظمى من هؤلاء المقاتلين – أكثر من 20 ألفا – في سوريا والعراق، يخدمون في “مدرسة تدريب دولية حقيقية” للمتطرفين العنيفين متحدين جهود الولايات المتحدة والأمم المتحدة لاحتوائهم. تطور العلاقات الشخصية بين هؤلاء الإرهابيين البارعين في استخدام الإنترنت في الصراع في الشرق الأوسط يمكن تطبيقه في أماكن أخرى. فيقول التقرير: “هؤلاء الذين يأكلون معا ويتواصلون يمكن أن يقوموا بالتفجيرات معا”.
ووفق تقرير فريق مراقبة مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن الدولي: “تنتج أكثر من نصف بلدان العالم الآن مقاتلين إرهابيين أجانب”. ويضيف: “معدل التدفق أعلى من أي وقت مضى، ويتركز أساسا على الحركة إلى الجمهورية العربية السورية والعراق، مع تنامي مشكلة واضحة أيضا في ليبيا”. ويضيف التقرير: “لا يبدو أن هناك عمليا أي إمكانية على المدى القصير لإنهاء بعض التهديدات” التي تمثلها الدولة الإسلامية، أو جبهة النصرة، أو غيرها من التنظيمات المتطرفة المستوحاة من تنظيم القاعدة”. “هناك خطر كبير على المدى الطويل مستمد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الخريجين” من تلك المنظمات لدى عودتهم إلى بلدانهم أو عند وصولهم إلى بلدان ثالثة”. وتلك الحركات “لن يجري احتواؤها جغرافيا بشكل كامل” حسبما خلص التقرير المكون من 30 صفحة.
والحقيقة أن التجارب السابقة لمكافحة الإرهاب تشير إلى أن المقاتلين المتطرفين أثبتوا براعتهم الكبيرة على مدى العقود الثلاثة الماضية في تحويل أنفسهم في نهاية المعارك. وحالة تنظيم القاعدة، والذي كانت جذوره في انتفاضة المجاهدين الأفغان في أواخر ثمانينات القرن العشرين ضد القوات السوفيتية في أفغانستان. أدت إطاحة القوات التي تقودها الولايات المتحدة بحركة طالبان الأفغانية في عام 2001 ردا على إيوائها لأسامة بن لادن إلى إطلاق جيل جديد من الإرهابيين الذين استخدموا مهاراتهم في ساحات قتال أخرى، بما في ذلك سوريا والعراق.
والواضح أن هذا الاستنتاج المعلن الذي خلص له تقرير لفريق من الأمم المتحدة يفسر لماذا الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدول الغربية لا تبدو جادة في محاربة داعش في العراق وسوريا ولا ترغب في هزيمتها، وبالتالي هي لا تتعاون مع الحكومة العراقية حتى في توفير المعلومات الاستخبارية التي تؤدي لهزيمة داعش.. وكل ذلك يفرض على العراقيين عدم التعويل على جهود أمريكا والتحالف الدولي وإنما عليهم الاعتماد على أنفسهم لفرض الهزيمة على داعش..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً