اراء و أفكـار

فتنة الأعظمية… وهوجة عصابات ايران العراقية

داود البصري
لم تكن الهجمة الطائفية العدوانية التي دبرتها عصابات ايران الارهابية على الوقف السني في الأعظمية مفاجئة ولا غريبة! كما أنها كانت متوقعة في ظل حالة التحشد الطائفي الشرسة السائدة في الشارع العراقي, وفي ظل تصاعد الحروب والمعارك في مدن العراق الغربية, واستمرار مسلسل التفجيرات الانتحارية ومهرجانات القتل الطائفي المتبادل ولجوء العصابات الطائفية السائبة والمنبثقة أصلا من ميليشيات الحشد الشعبي لسياسة التصعيد, وممارسة القتل على الهوية.
لقد بين ما حدث حقيقة جوهرية راسخة تتمثل في خطورة انهيار الدولة العراقية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية وخضوعها لارادة أهل الميليشيات الطائفية التي هي أصلا فروع ومحطات للقيادة المركزية للحرس الثوري الايراني التي تمارس العبث الصريح في السيادة العراقية, والتي حولت العراق لمهرجان كرنفالي من القتل المجاني, واستحضار الخرافات التاريخية وشحن الجماهير الضائعة والمغيبة بمفاهيم عدوانية غبية وغيبية لا تصب الا في اطار التدمير المجتمعي الشامل.
الميليشيات الطائفية في العراق تتحرك وفقا لأجندة ايرانية واضحة تتعلق مفرداتها بترابط وتشابك السياسة الايرانية في مشكلات الشرق العربي فالنظام الايراني حاضر وبقوة في مشكلات الملف السوري وهو عنصر مركزي في اطالة أمد الحرب التدميرية على الشعب السوري التي يقودها نظام متهاو ارهابي تحول دمية ايرانية رثة, كما أن الايرانيين يخوضون اليوم في جنوب جزيرة العرب حربا مصيرية للهيمنة على منطقة الجنوب العربي والجزيرة العربية ومحاولة قلب الأنظمة وتغيير المعادلات السياسية في ملفات البحرين واليمن وأماكن أخرى مؤجلة مساراتها لما بعد تحقيق الأهداف المركزية.
النظام الايراني وهو يتوسع اقليميا يعاني أيضا من استنزاف قاتل بات يهدد مركز النظام في وقت اندلعت فيه الثورات الداخلية للقوميات غير الفارسية في الأحواز العربية, وأخيرا في كردستان التي تغلي على وقائع ثورة شعبية ورفض جماهيري انطلق من مدينة مهاباد التي يمثل اسمها في الذاكرة النضالية الكردية رمزا شاخصا لمرحلة ثورية مهمة من تاريخ الشعب الكردي خلال ما عرف ب¯ “جمهورية مهاباد” عام 1946. التي كانت باكورة أماني الاستقلال الكردية.
المهم أن العراق اليوم, وهو يعيش تداعيات تغول العصابات الطائفية يقف على خط النار المباشر بين مسارات مستقبلية وخريطة طريق جديدة تصاعدت شعاراتها أخيراً وتتبنى تدمير العراق وتقسيمه طائفيا وفق التقسيم الطائفي القديم والمعروف.
حرائق الأعظمية كانت متوقعة جدا كما أسلفت والسبب هو الضعف الحكومي القاتل والأداء الباهت لحكومة حيدر العبادي التي تواجه تحديات من البيت الطائفي الذي تنتمي اليه فعلا في ظل تصاعد الصراع الداخلي على السلطة والهيمنة والنفوذ والايدي الايرانية المباشرة التي تعبث بأحزاب الشيعة وفرقهم المختلفة!
حيدر العبادي يعلم جيدا ان من يحرك ويشعل نيران الفتنة الطائفية في بغداد وعموم العراق هي عصابات ايران كعصابات “بدر” و”العصائب” و”الكتائب” وقيس الخزعلي والارهابي الكبير أبومهدي المهندس الذي يمتلك اليوم سلطات وصلاحيات وقوة ميدانية أكبر بكثير من قوة وسطوة حيدر العبادي ذاته الذي يبدو عاجزا عن الفعل الصريح وخاضعا بالكامل لمراكز القوى الايرانية المهيمنة على الشارع الشيعي العراقي.
الهجمة على الأعظمية كانت مدبرة ويقودها معممون هم عملاء للنظام الايراني ويمارسها شباب عراقي خدع بالدعايات الطائفية وعمليات الشحن والحقد التي تمارسها الآلة العقائدية الايرانية.
ما حدث في الأعظمية يؤكد أن قيادات الميليشيات الايرانية هي اليوم بصدد تفعيل حالة انقلاب فعلي على السلطة المركزية, وهي بصدد السيطرة الكاملة على الحكومة تمهيدا لاسقاطها خدمة للأجندة الايرانية وخلطاً للأوراق الاقليمية, ولتخفيف الضغط على انهيار الجماعات الايرانية في الشرق.
الحكومة العراقية مطالبة بأن تكون أكثر حسما لقمع الفتنة! وهي مسألة لا نعتقد أن حيدر العبادي بوضعيته الحالية وقيادته الرثة بقادر على انجازها, كما أن البرلمان العراقي يمثل حالة واضحة من الكساح والعجز بسبب تركيبته الطائفية وانعزاله عن الواقع تماما وتحوله سيركاً و”شاهد ما شفش حاجة”!
كل شيء في العراق يوحي بأيام سوداء رهيبة مقبلة قد تضع حدا لصورة العراق الموحد الواحد الذي عرفه العالم منذ عام 1921.
ميليشيات الارهاب الايرانية قد تمكنت وتغولت, وهي اليوم بصدد تنفيذ الصفحة الثانية من خطة تدمير العراق وتفجيره طائفيا… فهل سيتحرك الشعب العراقي للدفاع عن وجوده, أم أننا نراهن على العبث والفراغ?

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً