اراء و أفكـار

الإرهابي أبومهدي المهندس يعود بقوة

داود البصري
لعل من ابرز الظواهر التي ترافقت مع ظهور الحشد الشعبي الطائفي كلاعب بارز في المعادلة السياسية الكسيحة المتأزمة في العراق, العودة العلنية والقوية والمباشرة لقادة الارهاب الدولي المدعوم ايرانيا من الذين نفذوا صفحات ارهاب دولي شنيعة في ثمانينات القرن الماضي, وتسببوا بكوارث وماس لشعوب الشرق, وكانوا ادوات رخيصة وشريرة لتدمير المجتمعات, ثم عادوا اليوم وتحت صليل سيوف الدعايات الطائفية المسمومة ليظهروا انفسهم على كونهم مجاهدين ومناضلين وعاملين لخدمة الحق والسلام.
ففي العراق اليوم والذي كان المهد والحاضنة الحقيقية لكل الجماعات التي انتجها المشروع الارهابي الايراني منذ بواكير ايامه الاولى برزت قيادة المدعو جمال جعفر محمد ابراهيمي, المعروف بـ(ابومهدي المهندس), وتحول هذا الشخص المطلوب للولايات المتحدة لدوره المركزي في تفجير السفارة الاميركية في الكويت في يوم 12/12/1983, ولدولة الكويت ايضا المحكوم فيها بالاعدام غيابيا لدوره في مسلسل طويل من الارهاب الذي ضرب الدولة اعتبارا من عام 1983 والمحاولة الاثيمة لاغتيال الشيخ الراحل جابر الاحمد عام 1985, وخطف الطائرات المدنية الكويتية »كاظمة« و»الجابرية« عامي 1985 و1988, اضافة الى الدعم اللوجستي الفاعل للعصابات الطائفية في الكويت اواخر ثمانينات القرن الماضي, وجميعها افعال ارهابية صدرت بحقها احكام قانونية لم تنفذ ابدا! ومع ذلك فابو مهدي المهندس اليوم من رجال الطبقة السياسية المؤثرة في بغداد, بعد ان اضفى عليه الحرس الثوري الايراني الحصانة والزعامة, وجعلته عمليات الحشد الطائفية الاخيرة نائبا للقائد العام لمؤسسة الحشد الشعبي المعنية كما يقال بمحاربة الارهاب الداعشي. رغم ان قادتها ومنهم هادي العامري وجمال جعفر هما من ابرز رجال الارهاب الايراني في الشرق ومارسا الارهاب قبل جماعة »القاعدة« التي على مايبدو تعلمت منهم اساليب التفخيخ وارسال الارهابيين الانتحاريين, وممارسة حملات الاغتيال.
الفضيحة لا تكمن في التاريخ الارهابي للمهندس المعروف بارتباطاته العقائدية الصرفة بقيادات المشروع الايراني المعمم للهيمنة على المنطقة وقلب الانظمة السياسية فيها وتحويلها لاجرام تدور في الفلك الايراني, فتلك امور معروفة ومشخصة, ولكن الكارثة الحقيقية تكمن في كون تلك المجموعة الارهابية, وهي تتحدى علنا الولايات المتحدة والكويت باتت تتطنع للهيمنة المباشرة وقيادة العراق بالكامل عبر السيطرة على قوته العسكرية ووزارة الدفاع بعد ان سيطرت على وزارة الداخلية من خلال »فيلق بدر« المهيمن على ملفات الوضع الامني في العراق مع ما يعنيه ذلك على المستوى الستراتيجي الاقليمي.
ابومهدي المهندس يمارس اتباعه اليوم في البصرة محاولات سيطرة على الملفات والامور من خلال احتلال مراكز الدولة والسيطرة على القصور الرئاسية ودخوله في صراع مع مجلس الحكيم الايراني الاعلى الذي جعل الحكيم يجتمع به مباشرة في بغداد لمناقشة التنسيق المستقبلي على اعتبار الطرفين يخضعان للرعاية الايرانية المباشرة لكن بنسب مختلفة ولكنهم جميعا في الجيب الخلفي للنظام الايراني!
الانكى والادهى والمثير للسخرية هو اجتماع رئيس حكومة العراق حيدر العبادي الرسمي بالمهندس باعتباره قائدا عسكريا ميدانيا لقوات الحشد الطائفي, فهل ان العبادي لا يعرف تاريخ الرجل الارهابي وبمطالبة دولتين من دول العالم براسه? واين سفارتي الولايات المتحدة والكويت وهما قريبتان من مقر اقامة الرجل في المنطقة الخضراء!, ولماذا لايصار لاعتقاله او المطالبة به قانونيا على الاقل, مع ملاحظة ان افعال الارهاب لا تخضع ابدا لمبدا التقادم واسقاط الاحكام ? فها هي اسرائيل تبحث عن بقايا النازيين رغم رحيلهم عن مسرح التاريخ منذ سبعين عاما ?
ابومهدي المهندس يمارس اليوم دورا ارهابيا بشعا في العراق من خلال تنفيذ الاجندة الايرانية وقيادة الحرب الطائفية وتصفية المكون السني وتمهيد الارض للحرس الثوري الذي هو احد قياداته للهيمنة على العراق في ظل تراخي اميركي واضح المعالم وبما يثير الريبة! لقد اظهرت الصور الملتقطة من ساحة العمليات في العراق توافد قادة الحرس الثوري وابرزهم سليماني وتخطيطهم للعمليات مع ابومهدي المهندس وهادي العامري, كما ان المهندس بات ويا لصلافته يعقد مؤتمرات صحافية علنية بل ويقود مخططا لتنفيذ انقلاب حكومي في العراق يتم فيه ابعاد العبادي عن السلطة وهيمنة عصابات الطوائف عليها وقيادتها من خلال عصابات »العصائب« وكتائب حزب الله وعصابات بدر وجميعها اسماء مختلفة لجهة واحدة مركزية, وهي الحرس الثوري الايراني?
فهل الخوف من اعتقال او المطالبة براس ابومهدي المهندس تنبع من الخشية من الصدام المباشر مع الحرس الثوري الايراني, ام ماذا بالضبط, ولماذا يتم تعطيل تنفيذ مذكرات قانونية لملاحقة اهل الارهاب الايراني?
لذلك لا تفاجأوا ابدا فيما لو وجدتم الارهابي ابومهدي المهندس وقد قفز على منصب وزير دفاع العراق او حتى رئيس حكومته فالملف العراقي تحت الابط الايراني ومن يهن يسهل الهوان عليه!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً