اخبار منوعة

شرطيات المرور في بغداد يتسببن في زحمة الطرقات

شرطيات-مرور-بغداد

منظر غريب فوجئ به البغداديون حينما شاهدوا شرطيات مرور يلوحن بأيديهن للمركبات ويطالبنها بالتوقف. فهي المرة الأولى التي يشاهدون فيها هذا المنظر منذ سنوات مضت، إذ قررت وزارة الداخلية إشراك النساء في العمل الميداني في العاصمة.

بابتسامة عريضة رسمت على شفاهها، خرجت الملازم نسرين عزيز من المديرية العامة للمرور في بغداد إلى الشارع بعدما تهيأت ولبست زيها ذو القميص الأبيض والتنورة النيلية ووضعت على رأسها قبعة المرور.

الوقوف في شوارع بغداد وتنظيم السير ليس بالأمر الهين. فالعاصمة العراقية ليست كالعواصم الأخرى التي تشهد استقرارا امنيا وسياسيا وخدميا، فهي تفتقد إلى مقومات المدن الحديثة.

ثمة في شوارع العاصمة فوضى مرورية لم يتمكن شرطة المرور من الذكور من إنهائها. سيارات الأجهزة الأمنية تخالف السير ولا تتقيد بالإشارات المرورية ومواكب المسؤولين لا تأبه لأية إيماءة بالتوقف لتنظيم السير. كل شيء في شوارع العاصمة لا يتحكم به رجل المرور.

تقف نسرين في تقاطع ملعب الشعب المعروف بزحمته المرورية، وتحاول أن تنظم السير بمساعدة شرطة مرور آخرين من الذكور. لكن وقوفها فاقم الزحام المروري، عندما يبطئ معظم سائقي السيارات في القيادة للنظر اليها. كانوا متفاجئين من رؤية امرأة تشتغل بتنظيم سير العربات في الشارع.

وتعترف نسرين بوجود صعوبة بتنظيم عملية السير في شوارع بغداد بسبب الظرف الأمني الذي تعيشه، كما إن البعض لم يتعود على تواجد النساء في الشارع، وانتظار الإشارة منهن في التوقف والانطلاق.

وتقول “أنا سعيدة بأن أكون جزءا من عملية تنظيم السير في العاصمة، كل شيء أجده جميلا في هذه المهنة رغم خطورتها ومتاعبها، لكني كامرأة ومواطنة عراقية، فرحة بالمشاركة التي منحت للمرأة في العمل الميداني”.

في السبيعينات من القرن العشرين رسم مؤيد نعمة – رسام الكاريكاتير العراقي الشهير- شرطية مرور وسط الشارع، بينما أحضرت والدتها إخوتها لتتركهم إلى جانبها لتتفرغ للذهاب إلى شراء الخضار، اختزل نعمة حينذاك علاقة المرأة بعمل الشرطة، وكم كان المجتمع منفتحا على الأعمال الجديدة التي تناط بها.

يقال إن العراق كان من البلدان العربية الأولى في سبعينات القرن العشرين التي منحت المرأة دورا في عملية تنظيم السير في شوارعها، لكن مع مطلع الثمانينات تلاشى وجودهن الميداني واقتصر على العمل الاداري في المكتب بسبب الحروب التي دخلتها البلاد.

ويقول المتحدث باسم مديرية المرور العامة العميد عمار وليد إن “قسم العلاقات والإعلام في المديرية عمل منذ وقت سابق على توعية الشارع قبل مباشرة الشرطيات بالعمل الميداني، من خلال تهيئة المشهد للسائقين الذين لم يتعودوا على وجود المرأة في الشارع بهذه الصفة”.

ويضيف أن “مشاركة النساء في العمل الميداني المروري تجريبية لجس نبض الشارع ومعرفة مدى تقبله لوجودهن، خاصة وأن العراق مجتمع شرقي لم يتعود على رؤية المرأة في هكذا أماكن”.

ويشير العميد وليد الى “وجود ضوابط في اختيار شرطيات المرور وهي ذاتها الشروط التي تحدد اختيار الذكور منها أن لا يزيد عمرهن عن ست وعشرين عاما”.

هدى شرطية أخرى تشعر بسعادة كبيرة عندما تهم بالخروج من المكتب والذهاب إلى إحدى تقاطعات بغداد، لتنظيم حركة السير فيها وتقول “لدينا القدرة على مشاركة الرجل في كافة المجالات، نحن قادرات على صنع المستحيل”.

عند نزولها الأول للشارع قبل إسبوعين تفاجئت بأن “هناك من استغرب لوجودها بين عدد من الرجال الذكور، لكن الموقف الطريف الذي حدث لها عندما قام بعض سائقي التكسي بإلتقاط صورة (سيلفي) معها”.

بالنسبة لهدى، فإن “العمل وسط الأجواء غير المستقرة أمنيا ومناخيا في بغداد صعب ويمثل تحديا كبيرا مثلما تقول لإثبات جدارة المرأة العراقية بتحمل الصعوبات”.

ويؤكد مدير العلاقات والإعلام في كالة شؤون الشرطة التابعة لوزارة الداخلية العراقية اللواء نجم عبود “وجود تزايد في أعداد المتطوعات للعمل بصفة شرطي مرور بعضهن برتبة ضابط وشرطي”.

ويقول إن “هناك أعداد كبيرة من الإناث المتطوعات في مديرية المرور العامة، بعضهن يعملن في الميدان وأخريات يعملن في المجال الإداري، لذا سعت وزارة الداخلية إلى إشراك العنصر النسوي في هذا العمل، لمواكبة التطور الحاصل في البلدان الاخرى”. ويضيف “هناك العشرات من المتطوعات والعاملات في مديرية المرور، يتجاوز عددهن 100 امرأة، لكن ليس جميعهن يرغبن بالعمل الميداني”.

ولأن البعض لم يتعود على وجود عنصر نسوي في شوارع بغداد تفاجأ واثق الطائي صاحب سيارة أجرة عندما رأى في أحد شوارع بغداد امرأة تلوح له بالتوقف. في بادئ الأمر كان يعتقد أن الزي الذي ترتديه شرطية المرور جزء من مشهد تمثيلي لمسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي، حيث التفت يمينا ويسارا ولم يجد شيئا يؤكد ما ذهب إليه.

ويقول الطائي إن “من المفرح وجود نساء في الشوارع لتنظيم السير ونحن سعداء لأنهن سيكونن جزءا من الصباح الذي نعيشه في بغداد”. ويضيف مازحا “أعدكم بأنه لن يمر يوما إلا وأغازل فيه شرطيات المرور، إذا ما أردن تغريمي على مخالفة ما”.

لم تكن هذه التجربة هي الأولى في العراق، فقبل سنوات بدأ اقليم كردستان العراق بإنزال العنصر النسوي إلى الشارع بصفة شرطي مرور. كما اتخذت بعدها محافظة البصرة (جنوبي العراق) هذه الخطوة كأول محافظة تابعة للحكومة المركزية تشغل شرطيات المرور على الطرقات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً