اراء و أفكـار

العراق . . مرحلة جديدة

لم يسبق لأي برلمان أو هيئة تشريعية أو حكومة في العالم، أن حددت لبلد آخر نظام حكمه وشكل الحكم وحدوده وتقسيماته الإدارية وصنفت شعبه على أساس مذهبي وإثني إلا إذا كان خاضعاً لاستعمار أو وصاية .
فمشروع القانون الذي قدمه ماك ثوربيري إلى الكونغرس الأمريكي وينص على تقسيم العراق إلى ثلاث دول (شيعية وسنية وكردية) يعد خرقاً للأعراف والقوانين الدولية، وتدخلاً سافراً في شؤون العراق، وتهديداً لوحدته واعتداء على سيادته، ويزرع بذور حرب أهلية جديدة وفتنة كبرى، ويأتي استكمالاً لدستور مشبوه وضعه الحاكم الأمريكي السابق بريمر أرسى نظام المحاصصة الطائفية وشرّع أبواب العراق أمام الإرهاب .
هذا المشروع يتماثل مع خطة كان اقترحها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في مقال نشره في صحيفة “واشنطن بوست” في أغسطس/آب ،2014 اقترح فيه إقامة “نظام فيدرالي فعال” على أساس تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية .
أغلبية القوى والأحزاب السياسية ورجال الدين بادروا إلى رفض المشروع واعتبروه تدخلاً في شؤون العراق ومساساً بوحدته، لكن اللافت أن الإدارة الكردية في شمال العراق سارعت إلى تلقفه وتأييده والبناء عليه في موقف ينم عن نوايا تقسيمية تحقيقاً لحلم كردي في إقامة “دولة كردية مستقلة”، وقد رحبت لجنة الأمن في البرلمان الكردي بالمشروع واعتبرته خطوة في “غاية الأهمية” .
بل وأكثر من ذلك، تتحدث المعلومات أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني سوف يطرح خلال زيارته الأسبوع الحالي إلى واشنطن مسألة “الدولة الكردية”، وسيحمل معه الملف إلى البيت الأبيض ويطرحه علانية أمام الرئيس باراك أوباما .
رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين أماط اللثام عن مزيد من التفاصيل، مشيراً إلى أن “معركة استعادة الموصل وتثبيت حدود كردستان في الدولة العراقية والعلاقات بين إربيل وبغداد ستكون من ضمن محاور المحادثات”، وأن “هذه الزيارة ستكون مختلفة، لأن الحرب على “داعش” غيرت الكثير من الأمور” .
سيحاول البرزاني أن يقدم كل الضمانات اللازمة للدول الإقليمية بأن “الدولة الكردية” لن تشكل خطراً عليها، ومستعدة لإقامة علاقات أخوية وودية في كل المجالات .
ورغم أن البيت الأبيض نفى علاقته بالمشروع وقال إن الرئيس أوباما “يدعم ويؤيد عراقاً موحداً”، لكن هل هذا الكلام وحده يكفي لإزالة المخاوف وتبديد القلق من بدء مرحلة جديدة في العراق، تنتقل به من المحاصصة والفيدرالية إلى التمزيق والتفتيت والحروب المذهبية والإثنية؟ وهل يقتنع الأكراد بأن “دولتهم” سوف تفتح الأبواب أمام كل الشرور التي لن تبقى ولن تذر، ليس في العراق فقط إنما في كل المنطقة؟
صحيفة الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً