اراء و أفكـار

القـرار الأمـيركــي

شامل عبد القادر

فِي حقيقة الأمر ذهب القائمون على العملية السياسية في العراق من السياسيين وأصحاب الأحزاب والكتل الذين تسلموا السلطة والحكم بعد عام 2003 إلى ابعد من الخط الأحمر، وهم الذين قدمت لهم السلطة على طبق من ذهب، نتيجة للعمليات العسكرية الكبرى التي خاضتها القوات المسلحة الأميركية ضد النظام السابق، التي أسقطته في 9 نيسان 2003، وأقامت سلطة تقوم على أساس الانتخاب المباشر، وفي عام 2005 شهدنا أول حكومة عراقية “منتخبة!”، ومعنى هذا أن لا فضل لأحد من جميع السياسيين العراقيين على أهل العراق في تغيير النظام الصدامي، وان الفضل الأكبر هو لبوش الابن وجيشه الغازي، ولا يمكن التهرب من هذه الحقيقة التاريخية مهما حاول البعض تغطية الشمس بغربال!!
أقول ذهب سياسيو العراق بعيدا عن حليفهم الأكبر، وهو الولايات المتحدة، وصدقوا أنفسهم أنهم أسياد أنفسهم، وان لا وجود لأي تأثيرات وضغوطات أميركية عليهم، بعد أن “ظل البيت لام طيرة وطارت بيه فرد طيرة”!!
للأمانة التاريخية كان الدكتور احمد الجلبي أكثر سياسيي الشيعة ذكاءً وفطنة وانتباها لمستقبل الحكم في العراق، عندما خاطب العشائر العربية الشيعية في الحلة في صيف عام 2003، في أيام حكم بريمر وقال لهم محذرا أن لا يستفزوا العرب السنة أو يقصوهم أو يهمشوهم وان يمضوا – أي العرب الشيعة – إلى صناديق الاقتراع لأنها الحكم الحقيقي والمعيار السليم للوصول إلى السلطة، والحكم من دون أي منازعات ومناوشات للعرب السنة!!
ولكن لا أحد سمع كلمة الجلبي ولا استمع إلى تحذيراته ونصائحه ومضى العرب في العراق إلى الاقتتال والخصومة والإقصاء والتهميش.. هذا تدعمه الخبرات الإيرانية في الحكم والسياسة والمخابرات وذاك تدعمه القاعدة في القتال والذبح والسلخ!!
وخسرنا فرصة تاريخية لبناء العراق ولهونا بالدم وتشييد القبور ودفن شهدائنا الأبرياء الذين قتلتهم الطائفية على الاسم واللقب والقبيلة والمنطقة!!
ولان الأحزاب الدينية بشكل عام ومطلق، هي أحزاب طائفية، فقد احترب العراقيون فيما بينهم، ولان القوة الحاكمة راحت تشعر بالتفوق وامتلكت القوة الغاشمة لإذلال الطرف الآخر والانتقام، فقد اختلطت الأحقاد التاريخية بالأخطاء التاريخية، وصارت العقوبة جماعية تقوم على أساس طائفي حتى أن عملية اجتثاث البعث لم تكن منصفة وعادلة، لأنها استثنت أعضاء فرق وشعب من الاجتثاث وتعاملت معهم الحكومة على أساس طائفي نفعي، بينما لاحقت أجهزة الحكومة مواطنا بدرجة نصير من مكون آخر بل وفي بعض المناطق قتل أعضاء بسطاء لأنهم من مكون آخر بينما ترك المئات من القادة البعثيين من دون أي مساءلة لأنهم من جماعة الحكم وطائفيته!!
لا تزعلوا منا لذكرنا هذه الحقائق التي لم تطمس بعد أو يلفها غبار الأيام والسنين، فهي طازجة وحارة كدم الأبرياء.. ولهذا لا تستغربوا أن تصدر أميركا “اللي جابتكم!” قرارا لا يروق لطائفيتكم واستئثاركم بالحكم والسلطة والجيش والأمن الداخلي والوظائف!!
منذ شهور والحكومة والأحزاب تراوغ كالثعلب في قضية تأسيس الحرس الوطني واحتلت محافظات سنية كاملة بيد داعش والحكومة تنظر للأمر ببلاهة مقصودة، فلا سلاح للعشائر، ولا ثقة برؤسائهم، وليمضي داعش في تخريب مدن السنة وبيوتهم وتهجيرهم ما دامت العملية برمتها مصنوعة في الخارج!!
أمريكا ترى نفسها ملزمة بأمن العراق وسيادته بعد أن فرط به أهل الحل والعقد ولهذا لا تستغربوا أن نصحو يوما لنجد ثلاثة عراقات لا عراقا واحدا!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً