اراء و أفكـار

كشف المستور

احمد الجنديل

ما الذي يَحدث في هذا العالم المسكون بالطلاسم والفوازير؟ ومَن الذي يستطيع أن يرفع الحجاب عن وجه العفاريت التي تمارس جنونها على رؤوس الناس؟ هذه الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس، بدأت تتقيح أحزاباً، وحركات، وكل حزب يخرج من خاصرته حزب، وكل حركة تفرخ حركة، وكلها تنادي بالإسلام، تتقاتل فيما بينها باسم الإسلام، تسفك الدماء، وتنتهك الأعراض، وتسرق المال العام، وتصادر حريات الفقراء، وتمارس الظلم والطغيان، وتحشد الجيوش باسم الإسلام.
مَنْ يمتلك المعرفة والشجاعة ليكشف سر هذه الدمامل التي انتشرت على جسد الأمة الإسلامية؟ ففي كل بلد عشرات التجمعات، وفي كل دولة عشرات الأحزاب، وكلها تصرخ بحياة محمد وآل وأصحاب محمد، وتحت مسميات لا يمكن معرفة دلالاتها، وأهدافها، والرابط بينها، فهم محمديون أكثر من آل وأصحاب محمد.
ونتساءل بذهول عن مصير آبائنا وأجدادنا الذين دمعت عيونهم، وارتجفت قلوبهم، وهم يؤدون صلاتهم في بيوت الله الواحد الأحد، وهل كانوا منحرفين عن جادة الصواب إذا ما قورنوا بسلوك وإيمان أصحاب الأحزاب الجديدة، الذين تفوح رائحة الكراهية والفتنة والحقد من عيونهم وقلوبهم وألسنتهم؟ وهم يلهجون بذكر الله كذباً وزوراً وبهتاناً، مَنْ يعرف سر هذا الانتفاخ الكاذب، والحمل الكاذب، الذي رسم الحياة باللون الكاذب من قبل دعاة تسييس الدين؟ لقد وحدّ رسول الله المسلمين، وفرق هؤلاء الأخ عن أخيه، والزوج عن زوجته، وبشرّ سيد المرسلين بالشريعة السمحاء، فأثقلوها هؤلاء بكل الفتاوى التي لا تعرف السماحة حتى مسخت إلى شريعة سوداء، وتحدث خاتم الأنبياء بوضوح قائلا: (لو أنّ فاطمة سرقت لقطعت يدها) وهؤلاء يسرقون ليلاً ونهاراً دون أن يحاسبهم أحد، وقال رب العزة والجلالة: (من قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) وهؤلاء يقتلون بالجملة وفي كل صباح ومساء، وسط دعوات القوم بالمزيد من ممارسة القتل والتشرد، وأوصى الحبيب المصطفى بالأمانة والحرص عليها، وهؤلاء استلموا الأمانة فنهبوها، وأصبحت الحياة بفعلهم، لا أمن، ولا أمان، ولا أمانة، وفي زمن نبينا الكريم، المسلمون كالبنيان المرصوص، وفي زمن هؤلاء، المسلمون كالفراش المبثوث، وكالعهن المنفوش، وفي زمن الإسلام، وصلنا إلى حدود الصين، ومع خروج هؤلاء وصل الصين إلى فراش نومنا، وأمام هذا المشهد السيئ تأليفاً، وتمثيلاً، وإخراجاً، تمسك الحيرة رقاب الفقراء، وتأخذ الحسرة قلوب الكبار والصغار، ويتساءلون بذهول: نحن من دين محمد، فمن أي دين هؤلاء؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً