اراء و أفكـار

عاصفة الحزم تطيح بأحلام الطغاة

داود البصري
الرجال الذين كان لهم شرف توحيد جزيرة العرب كأول وأنجح حالة وحدوية في التاريخ العربي المعاصر , هم نفسهم من يكرر التاريخ معجزتهم اليوم من خلال أحفادهم الذين نهلوا من تراث الأجداد وورثوا شجاعتهم وبأسهم , ففي عاصفة الحزم العربية السعودية الخليجية تجلت انطلاقة عربية ووثبة قومية جديدة نفضت الغبار بالكامل عن حالة الكسل والتواكل, وأنتجت فعلا عربيا متقدما يعالج بكل جرأة حالة التردي التي تراجعت لها الأمة, والمصائب تتهاطل على رؤوس أبنائها بسبب غياب النظام العربي القوي الفاعل, ومنظومة الأمن القومي الشاملة التي تحطمت أسسها بفعل الحروب والكوارث المختلفة التي عاشها العالم العربي منذ منتصف سبعينات القرن الماضي.
في عاصفة الحزم حزم العرب أمرهم وتحت قيادة ملك العرب سلمان بن عبدالعزيز الرافع لراية التوحيد والعزة والكرامة, والمدافع عن الديار والحياض في وجه أعنف هجمة بربرية متنقلة يقودها أقطاب التآمر والشعوبية في الشرق القديم, فالدفاع عن المقدرات وعن الإنسان هو فرض عين تتحمله القيادات العربية المسؤولة أمام الله والتاريخ , وحالة الاستهتار والعبث الإيرانية بأمن ومقدرات ومستقبل شعوب المنطقة كانت تشكل تحديا ستراتيجيا رهيبا للعالم العربي استجابت له القيادة العربية السعودية وهي تقلب الأوراق والطاولة على رؤوس العابثين والمستهترين والمتصيدين بالماء العكر من الذين يحاولون بث الوهن في الأمة وعقيدتها , ونشر تصورات خرافية بالية عن أوهام للقوة لم تعد موجودة أبدا بعد أن انطلق المارد العربي والسعودي ليعيد رسم الخارطة الإقليمية بتضحيات ووسائل ومقاربات قضت مضاجع تلك القوى والقيادات الشريرة التي تحاول تجزئة العالم العربي وتقسيمه على أسس طائفية رثة ووفق أدوات بالية ومستهلكة!
لم يعد لقوس الصبر من منزع وأثبتت السعودية بالعمل الميداني أنها أكبر كثيرا من أن يتطاول على سيادتها ورمزها التوحيدي الشامخ نفر من العصابات الطائفية الضالة المضللة العاملة لخدمة المشروع الصفيوني الإيراني في الشرق.
الهجمة الشرسة التي تعرض لها العالم العربي, هي هجمة غير مسبوقة في أدواتها وأشكالها ودلالاتها, وكانت تتطلب ردا حاسما وفاعلا بعد أن هدد المرجفون أمن الخليج وجنوب الجزيرة العربية بشكل مباشر من خلال استباحة الشعب اليمني, ومحاولة فرض وقائع إنقلابية على الشرعية الدستورية, إضافة إلى التمدد العسكري والسياسي للنظام الإيراني, وبشكل أخل بكل قواعد العمل السياسي والأخلاقي!
لقد أعلن المتآمرون صراحة ومن دون مواربة أهدافهم الخبيثة في دعم الإرهاب, وإسقاط الأنظمة, وفرض حالة الفوضى وتحويل المنطقة لعراق جديد , وكان الهدف النهائي هو الزحف لتدمير السعودية ودول الخليج العربي مما ولد استجابة طبيعية لذلك التحدي تمخضت عنه “عاصفة الحزم” التي رسمت خطوطا حمراء وواضحة على رمال جزيرة العرب .
لاشك أن ذلك الفعل الحازم قد فوجئ به النظام الإيراني مفاجأة شاملة, وهويخطط لمعارك فرض الإرادة في الشرق في الساحتين العراقية والسورية, وحتى اليمنية, قد ترك أثرا عكسيا في نفسية النظام الإيراني عبر عنه من خلال لغة التهديدات الوقحة الصادرة مباشرة من أقطاب ذلك النظام بدءا من قمته مرورا بقياداته, العسكرية والأمنية والسياسية, إضافة إلى حالة التوتر الشامل التي أصابت أذناب المشروع الإيراني في الشرق, وفي طليعتهم حسن نصر الله الذي أطلق سلسلة من التهديدات التافهة بعد إصابته بإسهال كلامي, مرددا عبارات الوعيد والانتقام من جحره السراديبي! فالصراخ على قدر الألم! أما الضباع الإيرانية في العراق فقد كشرت عن أنيابها بلغتها التهديدية الوقحة وتفنن رجال إيران في المنطقة الخضراء في إعلان مواقفهم المعادية للمملكة ودول الخليج وكانت مواقف حيدر العبادي الأخيرة في أميركا مثلا للنفاق الأهوج , أما وزير خارجيته إبراهيم الجعفري فقد كان صوتا إيرانيا واضحا في القمة العربية! من دون أن نتجاهل حقيقة الدعم اللوجيستي الذي تقدمه أقطاب دول حلف “نوروز” العدواني للعصابات الحوثية وللجهد العسكري الإيراني.
لقد هدد قائد القوات البرية الإيرانية, وكذلك قادة الحرس الثوري المملكة العربية السعودية, ودول “مجلس التعاون” الخليجي بشكل مباشر, وهي تهديدات وقحة لن تجد طريقها للتنفيذ الميداني إلا من خلال جماعات التخريب من أنصار اللوبي الإيراني وعناصره الإرهابية الساكنة , ودول الخليج تمتلك من الحصانة واليقظة الأمنية ما يجعلها في موقع متقدم واستباقي لصد أي عدوان أو حماقة إرهابية , لن يجرؤ أي طرف على ضرب الرياض أوعواصم الخليج لكونه يعلم حجم الرد القاصم الذي سيفاجئه, فمفاجأة عاصفة الحزم قد غيرت كل المعادلات وأثبتت ميدانيا قوة صولة الحليم.. الامر المؤكد هو أن الشرق بعد العاصفة لن يكون أبدا كما كان قبلها… لقد أطاحت عاصفة الحزم باحلام وأوهام الطغاة والمتجبرين ورسمت واقعا عربيا وخليجيا جديدا ومختلفا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً