اراء و أفكـار

العراق يستقطب ولا يُستقطب

عصام فاهم العامري
كثيرا ما رددَ العرب وغيرهم ان العراق خضع للنفوذ الإيراني بعد عام 2003، حتى قيل أن العراق بفعل التأثير الايراني يتجه ليصير جمهورية اسلامية جديدة، وقيل الكثير عن خضوع السياسات العراقية لتكون صدى لسياسة ايران، وفي غضون ذلك عقد العراق اتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. وبعد أن سيطر ارهاب داعش على عدة مدن في العراق، قام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بنشر عدد من مستشاريه في العراق كما تولى سلاح الجو التابع للتحالف بالمساهمة في الحرب التي يقودها العراق بنفسه لتحرير اراضيه من دنس داعش. وفي ذات الوقت قام العراق بالاستعانة بالمستشارين الايرانيين وانتشروا في مواقع القتال وقدموا الخبرات في مجال مكافحة الارهاب و المشورة العسكرية في مواجهة مقاتلي داعش وتوحشهم.. ورغم انه لا يوجد انسجام بين ايران وامريكا، الا ان مستشاري البلدين عملا في ساحة واحدة وبطريقة تكاملية نجحت القيادة العراقية في توفيرها والاستفادة من الجانبين، مع ان الايرانيين يختلفون مع العراقيين بسبب طلب القيادة العراقية الاستعانة بطيران التحالف الدولي الذي يشن هجماته على المواقع التي تحددها القيادة العراقية، كما ان التحالف الدولي والولايات المتحدة بالذات استجابت للاشتراك في المعارك ضد داعش رغم امتعاضهم من العراق بسبب استعانته بالمستشارين الايرانيين. ان العراق بحق يستقطب واستطاع ان يستفيد من النقيضين ايران والولايات المتحدة في معركته ضد ارهاب داعش. ورفض أن يُستقطب.. فكان له موقف ثابت ومبدئي في ان من يحرر الارض العراقية من دنس داعش ابناء الارض أنفسهم، ولذلك رفض وجود أي قوات أجنبية على أراضيه. وفي إطار الثنائية التي تحدث عنها الدكتور العبادي في أن العراق يستقطب ولا يُستقطب سعى الى اقامة علاقة متوازنة مع السعودية ودول الخليج العربي في ذات الوقت الذي يقيم فيه علاقة مميزة ومتوازنة مع ايران.. مع ان التوتر يسود علاقة ايران ومعظم دول الخليج وفي مقدمتها السعودية. وبينما اجواء الحرب الباردة تصوغ معدلاتها بين موسكو وواشنطن، حتى ان واشنطن وفي ثنايا استراتيجية الامن القومي الامريكي لعام 2015 التي اعلنت مؤخرا اعتبرت تلك الاستراتيجية روسيا عدوها الاول،، ومع ذلك فإن العراق الذي تربطه اتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة يقيم علاقة متطورة يسودها التفاهم والتعاون مع روسيا.. والواقع ان لعبة التوازنات والتي صار يجيدها العراقيون كانت واحدة من العناصر التي أدت الى تعظيم القدرات العراقية في المواجهة مع داعش وتحقيق النصر عليها في تكريت التي تم تحريرها بالكامل..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً