اراء و أفكـار

اتفقوا على أن يتفقوا..

أيمن الـحماد

العرب الذين يزخر تاريخهم بالنزاعات والثأر، يبدو أنهم حطوا على واقع جديد يعودون من خلاله إلى إعادة التموضع كمؤثر ثقافي واجتماعي وسياسي في عالم يبحث عن التحدي والتكامل والذوبان في بوتقة واحدة تحت مظلة ومسمى واحد.

القمة العربية لطالما كانت اجتماعاً يلوم العرب فيه بعضهم بعضاً بشكل يعكس حالة التردي العربي الذي اُستغل لزرع الشقاق والفتنة بين أبناء البلد الواحد، فغدت بعض الأوطان العربية مسرحاً لأعداء تاريخيين للعرب، في وقت زال الخجل من روح بعض العرب الذين دوماً اعتزوا بقرابتهم وعمومتهم.

كشفت “عاصفة الحزم” قدرة العرب على الاتحاد، وأن الحاجة إلى القيادة ضرورة في زمن كثرت فيه الرايات واختلطت فيه المفاهيم والتبست، فغشيت أعيان العرب الذين رأت زرقاء اليمامة عدوهم من بعيد فلم يصدقوها فما كان إلا وأغار عليهم وهزمهم.

اليوم أمام العرب فرصة لإنقاذ أوطانهم وانتشالها من كيد المندسين الذين لم يتجرأوا عليهم إلا بعد أن أحسوا فيهم ضعفاً وفرقة.

القمة العربية التي تعقد في ظرف بالغ الحساسية والدقة أجمع وزراؤها على دعم عملية “عاصفة الحزم” التي جاءت لردع تهديد واضح للدول العربية وليس الخليجية فقط، وأشعلت في نفوس الشرفاء غيرة عُرفت عنهم.

لقد كان الاتحاد مطلباً خلف العملية العسكرية التي قادتها المملكة تجاه الانقلابيين الذين ارتضوا أن يكونوا يداً للعدو ضد أبنائهم وأوطانهم في مشهد مخزٍ لا ينم عن روح عربية أصيلة.

إن مشهد الإجماع العربي حول الضربة العسكرية وتشكيل قوة عربية عزّ مثيله في وقتنا الحاضر، وبقدر ما يعكس قلق العرب إلا أنه ينعكس تفاؤلاً واطمئناناً في الداخل العربي الذي لطالما كانت القمم العربية لا تمثله ولا تعكس أمانيه ورغبته في الشعور بوحدوية الدم والأرض، بل صارت عبئاً ثقيلاً ومظهراً بروتوكولياً أكثر من كونه فعلاً سياسياً.

القمة العربية في شرم الشيخ ستكون من أنجح القمم التي عقدت على مدار 25 عاماً الماضية، بفضل الإجماع العربي والتأييد الدولي لعاصفة الحزم والذي من خلاله استطاع العرب فرض قرارهم واستقلالهم ورغبتهم في طيّ صفحة الاختلاف، وجعل هذا الإجماع منطلقاً لتوافق أوسع حول القضايا التي لطالما هزم فيها العرب بسبب تخاذلهم وفرقتهم، ولعل أبرزها قضية فلسطين التي تستحق ذات الإجماع خصوصاً أن العدو الإسرائيلي استغل خلال الأعوام الماضية تفرّق الكلمة والفوضى التي غرقت فيها الدول العربية للتوسع في المستوطنات بشكل لم تستطع حتى واشنطن ردع الحكومة الليكودية المتطرفة.

العرب اليوم اتفقوا على أن يتفقوا..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً