اراء و أفكـار

نازحون جدد وقدامى ينتظرون عودتهم

ماجد زيدان

مع بدء العمليات العسكرية في محافظة صلاح الدين كانت الاستعدادات لمعالجة تداعياتها افضل مما جرى في معارك اخرى . فالحكومة هذه المرة انشأت مخيماً لاستقبال النازحين من جبهات القتال في مدينة سامراء وايضاً لاستيعاب من طلب منهم ترك بعض المناطق حفاظاً على امنهم وسلامتهم وتجنب وقوع خسائر في صفوفهم بل ان بعض العمليات سارت ببطء مراعاة للمدنيين .

كما ان الحكومة اغاثت المناطق التي تم استعادتها من سيطرة داعش على وجه السرعة لتأمين حياتهم اليومية وتخفيف الاعباء عنهم .

طبعاً الامور ليست مثالية هناك نواقص وثغرات ولكن مايشير الى نجاح الخطط الحكومية وضبط حركة النزوح والنازحين الى خارج المناطق المحددة اي الى المحافظات الاخرى كان قليلا وليس مثلما حدث سابقاً .

والاهم ان حركة النزوح المحسوبة والمحصورة بساحات القتال ابقت النازحين في داخل محافظة صلاح الدين وليس لتشكيل ضغط على محافظات اخرى في ظل ضعف الامكانات وقلتها وعدم قدرتها على استقبال المزيد من النازحين .

من البديهي ان للحروب نتائج وخيمة على السكان وعلى مختلف الصعد ويتعذر تجنبها في اكثر الدول استقراراً وتمتعا بالامكانات المادية اللازمة ومن هنا تتجه بؤر التوتر واماكن الحروب الى اعادة الاوضاع الى طبيعتها باسرع وقت ممكن وتحجيم حركة النزوح التي لا لزوم لها وتطمين السكان من قبل القوات الامنية بشكل ملموس للتأثير على المناطق الاخرى التي قد تأخذ بهوس الخوف والخروقات والانتهاكات لحقوق الانسان وفضاعات الحروب التي يصعب السيطرة عليها . فاعادة الناس الى بيوتهم التي هجروها قسراً وليس بارادتهم يجب ان تكون اولوية شأنها شأن تطهير الارض من الارهابيين . كما ان العمل بتوصيات المرجعية الدينية والتقيد بصراحة بما جاء فيها يداوى بعض الجراح ويقلل من اثار الحرب فهم يلمسون جدية عمل السلطات وحرصها ليس على ارواحهم فقط وانما على ممتلكاتهم وهذا يعطي للناس دوراً في مسك الارض ومنع عودة العصابات الاجرامية من الدواعش وغيرهم مرة اخرى فيتعزز التلاحم والتماسك بينهم وبين ممثليهم .

الواضح ان مشكلة النازحين والاغاثة في صلاح الدين اقل حدة ويمكن اذا سارت بالصورة المرسومة لها والظاهرة للعيان فانها تكون مثالاً يتحذى للعمل فيها بمحافظة نينوى والانبار عند بدء المعارك بل وان كثيرا من المناطق الامنة على تخومها يمكن ان تكون مأوى مؤقتا للهاربين من جحيم داعش بل والتفكير في نقل بعض المعاهد والكليات الى المناطق المحررة من سيطرة داعش لاستئناف الدراسة للطلبة المنقطعين عنها ولم يتم تمكينهم من مواصلة دوامهم في جامعات ومعاهد بمحافظات النزوح .

ونذكر ان الامن والاستقرار لا يتحقق فقط باستخدام القوة ، وديمومته لا تقتصر على وجود الاجهزة الامنية وانما في مقدمتها عودة النازحين الذي تركوا ديارهم وتفعيل وتنشيط الاقتصادات المحلية واستئناف العجلة الاجتماعية لدورانها واعادة الوئام والوحدة بين المواطنين على اختلاف مكوناتهم وتلاوينهم السياسية وما الى ذلك من الصفحات التي تتكامل مع العمل العسكري وبعضها مع البعض وبناء مجتمعات وسلطات مدينة عصرية تحترم القانون وتجبر الجميع على التقيد باحكامه وتطبيقها من دون تمييز مهما كان شكله ونوعه .

ان المرحلة الاخطر هي مابعد داعش فعلى السياسات الواقعية والبرامج السياسية – التوافقية واعادة التأهيل تتوقف مسألة عودة المياه الى مجاري الحياة الطبيعية المسالمة والمتسامحة دون ان تكون هناك امتيازات لهذه او تلك من الفئات او القوى السياسية الا بعملها وحدها في تقديم الخدمات الى المواطنين والشعور العالي بالمسؤولية والوطنية ازاء البلد والشعب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً