اراء و أفكـار

داعش وحضارة العراق

شامل عبد القادر

ما قامَ به داعش من هدم وتدمير للآثار العراقية في الموصل أثار سخط العالم المتمدن والمتحضر على المتشددين الإسلاميين وعد تصرفهم انسجاما مع موقف الإسلام الحقيقي من التماثيل!
وحقيقة موقف الإسلام من التماثيل والآثار الحضارية ليس هذا الذي قام به داعش في متحف الموصل ونمرود من تخريب وتدمير بالمعاول والفؤوس.. وليس هذا الموقف هو حقيقة موقف الإسلام مما جرى وحصل وإلا فاننا نتساءل: هل أبو بكر البغدادي أكثر فقها وعلما وتفحصا بتفاصيل دينه من الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه؟!
قد يسأل أحدنا وما علاقة فقه عمر بأبي بكر البغدادي؟!
أقول – وهذا اكتشاف يسجل لي شخصيا – إن عمر بن الخطاب هو الذي أرسل عمرو بن العاص إلى مصر لفتحها ونشر الإسلام فيها وعندما أصبح عمرو بن العاص وجيوش المسلمين في مدخل مصر واجههم تمثال عظيم بل وصنم كبير هو: أبو الهول “الذي شيده الفراعنة قبل سبعة آلاف سنة قبل الميلاد وواجهتهم الأهرامات وهي المدافن الكبرى للفراعنة على يسار نهر النيل لكنهم لم يتوقفوا طويلا أمام هذه “الأوثان والأصنام!” الفرعونية بل مضوا إلى مصر داخلين فاتحين ولم يأمر عمرو بن العاص ولا خليفته عمر بن الخطاب في المدينة المنورة بهدم “أبو الهول” ولا أهرامات مصر بل بقيت هذه الآثار الفرعونية سليمة وخالدة طوال حكم المسلمين الذي امتد 1400 سنة في مصر!!
والسؤال: لو كانت تماثيل أبي الهول والأهرامات في نظر الخليفة عمر بن الخطاب وهو المعروف بتطرفه والتمسك الشديد بسنة نبيه بل وفي مرات كثيرة خالف ومنع ما أباحته السنة لان عمر وجدها تتناقض مع مضمون القرآن الكريم وعدها من البدع وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.. لو كان عمر بن الخطاب الذي منع زواج المتعة وحرق الشجرة التي وقف عندها النبي صلى الله عليه وسلم خشية على المسلمين من الشركيات والبدع لو كان يعرف أن أبي الهول والأهرامات “أوثان وأصنام” لأمر عمرو بن العاص بهدمها من دون تردد لكن الرجل لم “يتحرش” أو “يصطدم” بآثار المصريين وحضارتهم الفرعونية فأين أبو بكر البغدادي من فقه عمر بن الخطاب وموقفه الإسلامي النبيل من الآثار والشواهد الحضارية في مصر أو في العراق أو في بلاد فارس التي فتحت في عهده!!
إن داعش يكذبون ويزورون التاريخ ويسيئون إساءات بالغة للإسلام من موقفه من حضارات العالم فقد فتح المسلمون بلاد الهند والسند وفيها تماثيل جبارة ضخمة لآلهة أهل الهند فلم يأمر أي قائد مسلم أصحابه بتدميرها وبقيت التماثيل على حالها!
هل أسست الدولة الإسلامية بصورتها النهائية وحققت أهدافها الاجتماعية وأنقذت المسلمين من الفقر والعوز وشيدت لهم البيوت والدور وناطحات السحاب والأسواق وجلبت لهم الرفاهية لكي تنشغل داعش بهدم التماثيل وتحطيم المنجزات الحضارية لأهل العراق؟!
تصرف داعش مقصود وهو تقديم إساءات مجانية للإسلام نفسه فتتلقفها بعض المنظمات اليهودية والنصرانية المسيسة للترويج عبر وسائلها الإعلامية المختلفة لتبشيع صورة الإسلام!
إن حرب داعش تمثل ذروة الحرب الإسلامية – الإسلامية التي أرادتها أوربا لإبعاد “شرور!” الإسلام “المتطرف” عن شواطئها ومدنها وحواضرها وأبقت الحرب ونيرانها وشواظها في “دار الإسلام”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً